والدين، والأدب والمسرح، والأدب والصحافة، وهكذا إلى آخر الأبواب، ولعل المتتبعين بما يجري به قلم الحكيم يعرفون أن كثيرا من هذه الفصول سبق نشره، على أنها في هذا الكتاب الحافل ملتئمة الشمل، مستكملة الجوانب، منسقة تنسيق طاقات الأزاهير
وقد أجمل المؤلف رأيه في الفن والأدب، في تلك الكلمة التي صدر به كتابه إذ يقول:(الأدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة في الإنسان والأمة، الحامل الناقل لمفاتيح الوعي في شخصية الأمة والإنسان، تلك الشخصية التي تتصل فيها حلقات الماضي والحاضر والمستقبل. والفن هو المطية الحية القوية التي تحمل الأدب خلال الزمان والمكان. والأدب بغير فن رسول بغير جواد في رحلة الخلود، والفن بغير أدب مطية سائبة بغير حمل ولا هدف. ولقد كان همي دائما محاولة الجمع بين الرسول وجواده. ولقد رأيت دائما الأدب مع الفن، والفن مع الأدب، لهذا سميت هذا الكتاب: فن الأدب)
وهذا الكتاب يجلو لنا شخصية الأستاذ (توفيق الحكيم) وانعكاس نظرته على الأدب والفن، ولكن الميزة الكبرى فيه أن هذه الشخصية تعبير رائع عن روح شرقية صميمة في نظرتها إلى مشكلات الحياة وقضايا الفن والأدب. وهو بهذه الميزة يرتفع عن أن يكون تكراراً أو اقتباساً لتلك الدراسات الأدبية المقررة بين الكتاب والنقاد الغربيين وغير الغربيين. وكثير من فصول هذا الكتاب لو ترجم إلى أية لغة أجنبية لبقيت له طرافته وجدته، ولبقيت له دلالته على شخصية صاحبه (الحكيم) الأديب الشرقي الفنان
وقد حوى الكتاب - على ما فيه من جد كثير - فصولا هي إلى التفكيه والترفيه أقرب، ولكنها تطوي الحكمة والعبرة، ومن أجمل هذه الفصول ذاك الفصل الذي تمثل فيه الأستاذ (الحكيم) أن (شكسبير) ظهر في (مصر) اليوم، مصريا، لغته العربية، وتراثه الأدبي العربي، ثم أخذ يفرش طريقه بالعوائق والمثبطات التي تعترض طريق الكاتب المصري العربي الآن، وختم ذلك الخيال اللطيف بقوله:(حقا لو ظهر (شكسبير) اليوم لكان فكره تبلبل، وعقله تحير، ولكان عمله أعسر، وواجبه أكبر، وعقباته أضخم، ومجهوداته أضنى. من حسن حظه أنه ولد في (إنجلترا) في القرن السابع عشر. . .)