الشر جنبا إلى جنب مع الخير، وقد بين ذلك بصورة جليلة بقوله (نحن نناضل في سبيل جعل الفن كاملا بذاته. أما هم (يعني الأخلاقيين) فيفكرون في التأثير الخارجي، هذا التفكير الذي لا يهم الفنان الحقيقي كما لا يهم الطبيعة نفسها، فهي عندما تبدع أسدا أو طيرا لا يهمها أن تلاحظ شيئا من ذلك). فموهبته المبدعة كانت هبة من الطبيعة التي تحتضن الشر والخير سواء بسواء. فكما أن تأليهه للطبيعة كان المنبع الرئيسي لطيبته، كذلك كان في نفس الوقت منبعا للا مبالاته وقلة حماسته وسخريته من الأفكار وكراهيته للتجديد، الذي كان يعتقد بأنه محطم لحياة نفسها. وهذه هي الأشياء الوحيدة التي كان ينتقد عليها. وعليه فليس غريبا أن ترى مقته للثورة الفرنسية مع أنه بشر بمبادئها ومهد لها بكتاباته، أما مؤلفه (الآم فرتر)، الذي أنتجه في عنفوان شبابه، والذي كانت فيه العاطفية واضحة بارزة، فقد هز أسس النظام الاجتماعي القديم هزا عنيفا. أن موقفه هذا تجاه الثورة الفرنسية يعيد إلى الذاكرة موقف أرازموس تجاه (الإصلاح الديني)، أرازموس ذلك الهولندي العظيم الذي عمل جهده للتمهيد للإصلاح، ولكنه تنكر له بتقزز وامتعاض. وقد جمع عوته نفسه هذين الحادثين (المقلقين) ببيته المشهور لا في هذه الأيام، أيام الاضطرابات، رفضت الفالسية الثقافة الهادئه، كما فعلت اللوثرية ذلك في عهدها). وهو كذلك، وكذلك فعل عندما رفض القبعة الكاردينالية التي قدمها البابا إلى (الإنساني العظيم) وقد اعتذر عن ذلك بأعذار رقيقة، فهو لم يرد أن يجعل من نفسه حليفا للنظام القديم الذي انهارت معظم قيمه، ولا نصيرا للنظام الجديد الذي اعتبره غير مهذب، ومع كل ذلك فسياسة غوته المحافظة كانت مزعزعة لا يركن إليها ولا يعتد بها. ولما أصدر (فريهر كاكدن) سنة ١٧٩٤ بيانه المعروف الداعي إلى توحيد المثقفين الألمان كي يضعوا أقلامهم في خدمة (الصالح) - أي قضية المحافظين - ولكي نكون أكثر دقة، إنشاء اتحاد ألماني لتخليص البلاد من الفوضى، وقف غوته صديق كارل أوغست المخلص وشكر البارون لثقته به، ولكنه أعتذر بقوله (إنه من المتعذر ربط الأمراء والكتاب في قضية واحدة)، فانسحابه هذا، ومحاولته الابتعاد عن كلا الجانبين، ينطبقان تماما على إبرازموس أيضا، ولكن غوته كان إبرازموس ولوثر متقمصين شخصا واحدا؛ كان اتحاد لطيفا وشيطانيا في نفس الوقت، وكان وجوده يمتاز بكونه مثالا وقدوة لغيره. كان مثالا يحتذيه الألمان، وقد تمكن بنفسه من تحقيق المثالية