للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العبقرية الفنية من صناعة ونسيج للمرأة، وكل ما يشاد من قصور المرمر للمرأة.

لقد شيدت قصور الحدائق المعلقة في بابل القديمة لامرأة، وتاج محل في الهند لامرأة، وقصر الحمراء في الأندلس لامرأة، وتهدمت يد لادي هاملتون فأزاحت الستر عن عبقرية الأميرال نلسون، ويد جوزفين عن نابليون، وبياتريس عن دانتي، وكليوبطرة عن يوليوسس قيصر، وليلى عن المجنون.

إن عين المرأة دائبة البحث في الحياة عن مجنون يهيم بحبها، ولكل امرأة في حياة قلبها مجنون يهيم بها وتهيم به في حب صحيح. والمرأة حين تبحث عن ذلك المجنون فلا تراه في حياتها، إنما يكون ذلك إيذانا بانهزامها من الحياة وفشلها، وحين تفشل المرأة في الحب، يقودها الفشل إلى طريق القبر الموحش الحزين، وتنطوي على نفسها في صمت كئيب قاتل طويل، يذهب ربيع الحب منه، ويقبل الخريف عليها فيه فتذوي معه كما تذوي أوراق الدوح في قبضة الأعاصير.

الحب حياة المرأة، وما أقسى تلك الحياة إذا لم تعثر المرأة فيها على الحبيب في مسالك الوجود! وما أشد تعاسة القلب، تجمعه روابط الزواج بامرأة، ويلاقيها في أجمل ليلة في الحياة، وهي كلزنبقة البيضاء العاطرة في ملابس عرسها، على غير أساس من الحب الصحيح المجرد عن معاني التراب.

الحب هبة السماء إلى الأرض، وصفو الحياة ونعيمها، وهو هبة القلب إلى القلب، ولا يستطيع الذهب والجوهر العثور عليه في الدنيا.

لقد ابتدأت الحياة بامرأة واستمرت بامرأة وستنتهي بامرأة حين تشاء القدرة أن يزول الوجود.

علي محمد سرطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>