وها هنا شخص يحرق ضميره ومبدأه بخورا.،. وهناك آخر يضحي بما لديه من عفاف وكبرياء. . . . . .
وكأن ليس في العالم شيء أعز وأكبر من أن يكون قربانا لذلك الصنم الهائل الدميم. الذي كان يقبل القربان حيناً، ويزور عن عباده أحيانا. فلا يزيدهم نفوره وازوراره إلا تهالكا عليه، وغلواً في عبادته، وإكثاراً من الضحايا والقرابين. . . ثم نظرت إلى أطراف الهيكل، فأبصرت جموعاً أخرى عاكفة على أوثان أخر: ها هنا إله الشهوات وقد احتشدت عبيده من حوله. وهنالك وثن المناصب والجاه والناس من حوله ركع سجود. . . وفي هذه الناحية وتلك شكول وضروب من أصنام يكاد يخطئها العد، ويعجز عنها الوصف.
وألفيت نفسي بعد قليل أتنفس الصعداء، وقد إنجابت عن عيني تلك الرؤيا، ولم يبق أمام ناظري سوى الغيث المنهمر، والضباب المنتشر، وضوء المصابيح الضئيلة.