للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخيرا ينتهي عنها لما تعقبه من حسرات أو تصيب به من فساد وتحطيم.

أما شيب الرشيد المبكر فقد أعطى الشاعر فرصة كاملة لوعظه والإلحاح عليه في ذلك إلحاحا مملا. فاللهو في رأيه من شأن الشباب؛ أما الشيوخ فالوقار والتدين أولى بهم، ألم يجعل القرآن سن الأربعين الحد الفاصل بين حياة اللهو وحياة الجد إذ يقول (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه) ولم لا والشيب نذير الموت بل هو الموت بعينه:

الشيب إحدى الميتتين تقدمت ... إحداهما وتأخرت إحداهما

ويزعم الشاعر أن المرء بالذات في شيخوخته كما كان يشعر بها في شبابه، ففيم إذن يرتكب الآثام وينتهك الآداب:

وإذا كبرت فهل لنفسك لذة ... ما للكبير بلذة متمتع

ونحن لا نشك فيما كان يصيب هارون من ضيق وارتباك عند سماع تلك الأشعار؛ ألا ترى ما فعله بأحد المغنين حين غناه:

وأرى الغواني لا يواصلن امرأ ... فقد الشباب وقد يصلن الأمردا

وقد أمر الخليفة به فسحب على وجهه وأخرج من المجلس وقال له: يا ابن الفاعلة أتعرض بي في عنائك؟

وإنا إذ نختتم هذا المقال لنرجو أن نعود إلى استئناف الكتابة في هذا البحث بعد أسابيع قلائل أن شاء الله تعالى

محمد عبد العزيز الكفراوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>