الإنسانية وفي الفضائل والكمالات البشرية، وإذا تسامى عن التحيز والهوى تحاشى أن يندفع للأضرار بفرد مهما تكن تبعيته وملته وجنسيته ووطنيته، وإنه إن غفل عن تقدير هذا الشعور وتحامل على من يخالفه في الاعتبارات الشخصية والمركزية فقد تجرد عن القيم الروحية، تجرد عن الروح الإنسانية وانحدر إلى التعصب والى حضيض الوحشية)
بهذه الفكرة المتسامية بدأ المؤلف رسالته، ثم تحدث عن شقوة هذا العالم اللذي نعيش فيه وأورد بيانات إحصائية عن القتلى والجرحى والمنكوبين في الحربين العالميتين الماضيتين، وفي الحروب التي وقعت بينهما والتي تلتهما، واستطرد من خلال ذلك إلى أن ساسة العالم لو قد فاءوا إلى مثل روحية عليا لجنبوا الإنسانية كل هذه الموبقات.
ثم تحدث المؤلف عن حرب الموبقات والشهوات وما ينفقه كل شعب على شهواته المتلفة كالخمر والمخدر وما إلى ذلك، ثم عطف من ذلك الحديث إلى الحديث عن عظمة الإسلام وشهادة العلماء الأعلام من غير المسلمين بروحانية هذا الدين الحنيف، وكيف أنه الحصن الملاذ الذي يمكن أن يقي الناس جميعا من التردي في مهاوي التهلكة.
ثم تدرج من ذلك إلى تبيان أنواع العبادات في الإسلام وبسطها بسطا فلسفيا يدعو إلى الإعجاب، ووازن بينها وبين العبادات في الأديان الأخرى، وخلص من ذلك إلى أن الإسلام جماع الأديان كلها، انتظم فضائلها وجمع أشتاتها، فانصبت فيه الخلاصات الروحية بحسية آخر الرسالات السماوية.
وبعدئذ أنشأ المؤلف يسرد الأدواء التي حاقت بالإنسانية ويصف لكل داء ما يكفل شفاءه من آيات كتاب الله، ولقد أوفى الأستاذ عبد الغني من ذلك على الغاية حتى أنه استعان بكل ما في القرآن الكريم من الآيات البينات، وبدت تلك الكلمات القدسية كالوشي الصقيل على صفحة الخريدة الحسناء.
وأنحى المؤلف إنحاء شديداً على المدنية الغربية التي فرقت الناس شيعاً، ونشرت روح التعصب الديني والطائفي، ودعت إلى فض الخلافات بالقوة المسلحة، فأوغرت الصدور، وأرثت الحزازات، وإذا العالم يسير في طريق الفناء والدمار.
وعرج الكتاب بعد ذلك على مواقف السلف الصالح من أبناء الإسلام في تقويم المعوج، ونشر الإصلاح والنصح للخلفاء والعمال.