الوضوء. ولكنه لا يستفتي أبدا في أوضاعنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو نظامنا المالي. ولا يستفتي أبدا في أوضاعنا السياسية والقومية، وفيما يربطنا بالاستعمار من صلات.
والديمقراطية في اللإسلام، والبرفي الإسلام، والعدل في الإسلام. . من الجائز أن يتناولها كتاب أو مقال. ولكن الحكم بالإسلام، والتشريع بالإسلام، والانتصار للإسلام. . لا يجوز أن يمسها قلم ولا حديث ولا استفتاء!
وبعد فقد حدث أن هذا الإسلام الأمريكاني قد عرف أن في الإسلام شيئا يقال له (الزكاة) وعرف أن هذه الزكاة قد تقاوم التيار الشيوعي لو أخذ بها في الشرق من جديد. . ومن هنا اهتمت (حلقة الدراسات الاجتماعية) التي عقدت في مصر في العام الماضي بدراسة حكاية (الزكاة) هذه، أو بدراسة مسألة (التكافل الاجتماعي في الإسلام).
ولما كانت أمريكا من وراء حلقة الدراسات الاجتماعية، فإن ذوي الشأن في مصر لم يروا أن يقفوا في وجه حكاية الزكاة؛ كما وقفوا في وجهها يوم فكر فيها عبد الحميد عبد الحق باشا وهو وزير للشؤون الاجتماعية! أن ذوي الشأن يستطيعون الوقوف في وجه الزكاة يوم يكون الآمر بها هو الله. أما يوم أن يكون الآمرون بها هم الأمريكان، فليس أمامهم إلا الخضوع والإذعان!
وعلى ذلك ألفت في مصر لجنة من بعض أساتذة الشريعة في الجامعة، وبعض رجال الأزهر، وبعض الباشوات، لدراسة مسألة (التكافل الاجتماعي في الإسلام) وبخاصة حكاية الزكاة، لا لوجه الله، ولا لحساب الوطن، ولكن لوجه الأمريكان، ولحساب حلقة الدراسات الاجتماعية.
وهنا بدا وجه الخطر. . أن الأمريكان لو عرفوا حقيقة التكافل الاجتماعي في الإسلام لفرضوه فرضا على الشرق الأوسط، لأنهم لن يجدوا سدا أقوى منه في وجه الشيوعية. والتكافل الاجتماعي في الإسلام يفرض على الأموال تكاليف، ويفرض عليها حقوقا، ويعترف للملايين بحق الحياة. ودون هذا وتتقطع الأعناق. .
وإذن فلا مفر من تخبئة الأمر على الأمريكان! ولا مفر من الاحتيال على النصوص؛ ولا مفر من تخفيف الأعباء التي يفرضها الإسلام على الأموال؛ ولا مفر من أن تخرج اللجنة من الزكاة نفسها بظل باهت لا يتناول إلا التافه، ولا يمس الأموال إلا بقفاز من حرير.