وفي اليوم الثالث عشر من شهر سبتمبر سنة ١٩١٩م وقع ميثاقا يقضي بمواصلة الحرب إلى أن تتحرر أرض الوطن من العدو الدخيل، فانضوى تحت لواء كل من دبت في قلوبهم الحياة، وانبعثت من نفوسهم الحمية والغيرة على الوطن التركي الذليل!
وكانت أهم القرارات التي أصدرها المؤتمر الوطني. . (أن جميع أجزاء الوطن بحدوده القومية كل لا يتجزأ، وأن تكافح الأمة ضد أي احتلال أجنبي، وتستمر في كفاحها في حالة انحلال الدولة العثمانية، وأنه إذا عجزت الحكومة العثمانية عن الدفاع عن استقلال الوطن، فتؤسس حكومة مؤقتة في الأناضول لهذه الغاية، وهذه الحكومة تختار من قبل المؤتمر الوطني. . وإذا لم يكن منعقدا، فمن قبل هيئته التمثيلية. .)
ولذلك لم تمض فترة طويلة على قرارات المؤتمر، حتى أقام حكومة جديدة، واتخذ (أنقرة) عاصمة له، وأعلن انفصاله عن السلطان.
حينئذ أصبح مصطفى كمال - صاحب السلطة المطلقة، فهو رئيس الحكومة الجديدة، وقائد جيوش المقاومة، وعليه يتوقف استقلال البلاد.
وفي هذه اللحظات التي كانت البلاد أحوج ما تكون فيها إلى توحيد الجهود، وجمع الصفوف. . أخذ السلطان يقاوم مصطفى كمال مقاومة فعليه، فاستصدر فتوى أعلن فيها عصيانه وخيانته للسلطان. . وطبع منها آلاف النسخ، وألقى بها من الطائرات في جميع أنحاء الأناضول، وكان لهذه الفتوى أثران كبيران:
أحدهما من جانب الشعب الذي بدأ يتخلى عنه، والآخر من جانب اليونانيين الذين أرادوا أن يوسعوا منطقة احتلالهم، فأخذوا في التقدم والهجوم شرق ولاية أزمير. .
وكان الموقف في غاية الحرج، والبلاد تحيط بها الأخطار من كل جانب، لكن مصطفى كمال أظهر قوة وحزما وثباتا واستطاع في نهاية الأمر أن يوحد الأمة، ويستعد للنضال من جديد.
تقدم اليونانيون تقدما سريعا في بلاد الأناضول، فوقعت في أيديهم كوتاهية وأفيون قرة حصار، وأخذت جيوشهم تتقدم إسكي شهر الجيش التركي، وكانت خطتهم تقضي بمحاصرة الجيش ومحاولة إفنائه، حتى يستطيعوا الوصول إلى قلب الأناضول، والقضاء على حركة