ورغم الظلمة الداجية التي تكتنف الشاعر في حديثه عن المأساة، ورغم شعوره بالعلل الأصلية للنكبة، وإلمامه بالأوضاع الشائنة التي جلبت هذه الكارثة المروعة، رغم ذلك كله يتعلل بالنصر القريب - بعد أن يئس من الوعود البارقة - ويمد خيوط الأمل للشباب المتوثب، ويدعو إلى الممات في سبيل الحياة المرتقبة؛ ويفسح الصدور للرصاص، ويحذر من الخوف والخور والقنوط، كما ينتقل بريشته الملهمة إلى طبيعة فلسطين، فيصور الفجر المترقرق فوق الروابي الخضر كوشاح فضي لامع، ويحمل إلى القارئ أنفاس المروج العاطرة، ويسمعه ألحان الوحي في مهابطه المقدسة؛ وغناء داود مع الطيور في أورشليم الحالمة؛ ثم يدعو الشباب الفلسطيني المكافح إلى الاعتماد على نفسه؛ فالشعوب العربية لا تجيد غير العويل والبكاء؛ فهي تدق من الأسى راحا براح؛ ويدا بيد؛ ثم تقف عند ذاك!! فإن تجاوزته فإلى الخطب الرنانة والقصائد المسهبة؛ ولن تجد أوجع من الحقيقة المريرة يعلنها الشاعر صريحة سافرة فيقول عن قومه في يأس واكتئاب
أأم القدس والتاريخ دام ... ويومك مثل أمسك في الكفاح