ولونتها الحياة بلون واحد. فكل أفرادها من الطبقة الفقيرة التي تكدح طول النهار، ولا تكاد تظفر باللقمة التي تشبع!
لقد حاول الكاتب محاكاة نجيب محفوظ، كما هو واضح في رسم الشخصيات، ولكن محاولته لم تنجح مثل نجاح محفوظ. فهو في بداية قصته تطرق إلى شخصيات كثيرة، حشرها ضمن محور القصة، وجعلها من أبطالها الأولين، كما فعل محفوظ، لكنه لم يكد يخطو خطوات، حتى ترك أكثرها في حالها. . . واقتصر على قسم منها معدود! في حين نرى محفوظ لا يترك شخصية واحدة تفلت من نطاق قصته. . أنه يسيطر عليها سيطرة تامة، فيحصرها حصرا، ويجعلها في القصة ذات أثر فعال.
مجمل القصة: السقا شوشة يعيش مع ولده وأم زوجه المتوفاة، عيشة راضية، وهو إذ يتغدى ذات مرة، عند (الحاجة زمزم) المرأة المخيفة! يصادق (شحاته أفندي) الذي كان قد جاء إلى (مسمط زمزم) ليأكل على الحساب. . . بناء على دعوة من الحاجة اعتبرها دعوة حب. . وغرام! كان جيبه فارغا، لذا فقد كادت الحاجة زمزم تجرده من ثيابه بعد أن عجز عن دفع ثمن ما أكل. فتدخل شوشة في الموضوع ودفع الثمن منقذاً الأفندي من براثن الحاجة! ويعد ذلك نرى شحاته الذي يعمل في توديع الأموات إلى قبورها يعيش مع شوشة، كما نراه يأخذ شوشة إلى قهوته، ويعرفه بأصحابه ويبسط له مهنته.! حتى ينام شحاته أفندي ذات يوم على أمل أن يستيقظ فيذهب إلى موعد غرامي اشتراه بخمسين قرشا من (تاجر الأغراض) الذباح! ينام الرجل فلا يستيقظ أبدا. ولا يلبث المعلم شوشة أن يأخذ مكانه في المهنة، مستعملا نفس البدلة التي كان يستعملها المتوفى، لأنه يريد أن يتعرف إلى سر الموت! الموت الذي خطف منه زوجه، وتركه وحيدا محروما. وتقبل عليه الدنيا فيرتقي إلى رئيس للسقايين. يتحكم في توزيع المياه على الزبائن، ولكنه لا يترك مهنة المتوفى. حتى يفاتحه ولده بمخاوفه، طالباً إليه أن يكف عن توديع الموتى، فيعده الرجل، لكنه في اليوم التالي لا يغادر فراشه، فيحعل ولده محله في توزيع المياه! وما أن ينتهي من ذلك ويعود إلى أهله، حتى يجد البيت قد انهار وقضي على أبيه! فلا يلبث الابن أن يسرع فيرتدي بدلة شحاته أفندي، الخاصة بمودعي الأموات. . فيمضي أمام نفس أبيه ليودعه المقر الأخير، أنه أيضاً يريد أن يكشف عن الموت سره. .!