وتنتهي القصة والابن قد أصبح أبا، وتربع على عرش المياه مكان أبيه، وقد وضع بالقرب منه لافتة فيها هذا الآية الكريمة (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)
والغريب أن الكتاب يبدأ الآية وينتهي بها، كما أنها تتردد في حوار القصة أربع مرات تقريباً دون أن يكون بينها وبين القصة صلة ما.! لعل المؤلف يريد أن يعزي أبطاله ويمسح على مصائبهم وهم في غير حاجة إلى ذلك. فالآية مفروضة فرضاً محشوة حشواً! فالصلة بعيدة بينها وبين مغزى القصة كما قلت، فأين الصابرون؛ بل أين الفواجع التي صبروا عليها؟ الحوادث كلها بسيطة عادية. لا تدعو إلى الصبر، لأنها توحي بالقناعة. وبالأضل من أناس مثل أولئك الفاسقين الراضين، وإن كان المؤلف قد افتعل موت الرجلين افتعالا، إذ حرمهما الموت الطبيعي وذلك لم يتمكن أن يجعل أبطاله من الصابرين المؤمنين، لأنه جعلهم يشعرون أن الموت جاء بالمصادفة وأن القدرة الخفية لا دخل لها فيه.
لقد فاجأنا المؤلف بموت شحاته أفندي في منتصف القصة وشحاته هو الوحيد الذي يسيطر على انتباه القارئ وجذب اهتمامه، لأنه الوحيد - حتى ذلك الوقت - الذي كان يسعى إلى هدف فيجعل للقصة مسحة من التشويق، فاجأنا بموته، وبذلك ماتت عقدة القصة، وتلاشى التشويق، وكأنما انتبه الكاتب إلى خطئه، فكشف للقارئ عن عقدة أخرى. . كانت مختفية عنه حتى ذلك الوقت، وبكل هذه العقدة شخصية شوشة. . الذي أخذ يسعى إلى كشف سر الموت واستجلاء أمده!
ولنا ملاحظة أخرى بشأن شحاته أفندي. فقد جعل له المؤلف شخصية ماجنة عابثة تتأثر حين ترى أمامها امرأة. فهو يتغزل حتى في الحاجة زمزم، الضخمة المخيفة.! ثم عاد - المؤلف - وأسكنه مع المعلم شوشة، ونحن نعلم أن هناك، في أعلى شقة هذا الأخير تقطن أسرة (علي الخشت) أن لهذه الأسرة فتاة ناضجة، تتردد على أسرة شوشة فتساعد الضريرة أم آمنة فإذا ما نزل شحاته عند شوشة لم تعد ترى أثراً للفتاة! وكان المتوقع أن يراها شحاته، وان تحدث بينهما أشياء. .! فما الذي جعل الفتاة تختفي عن مسرح الحوادث بمجرد ظهور شحاته؟
وهناك أمر آخر. فإن شوشة بعد موت شحاته أخذ مكانه وصار هو الآخر من (الأفندية)