الذهب يرتقى عهدها إلى عهد الاسكندر وذلك عند بناء كنيسة هناك باسم النبي إيليا ويوحنا في زمن توفيل بطريق الإسكندرية في القرن الرابع. . . ومن قوله يتضح بأن بقايا القبر كانت موجودة بكوم
الديماس، فهل نزعت تلك الأنقاض من تحت التل - الذي نشأ في عصور تلت بناء المقبرة فغطاها - لبناء تلك الكنيسة وهي التي تكبد مجهوداً جباراً في إزالة الأتربة للوصول إلى تلك الأنقاض في مستوى المدينة القديمة.
ومن هذا نخرج بنتيجة هامة وهي أن المؤرخ لم يكن له قصد معين في تعيين مكان رفع الأنقاض والتي ولا شك انتزعت من المكان القريب جداً، والذي يكاد يقارب بناء الكنيسة الموجودة على التل والتي بنيت عليه ثم قام على أسسها على مر الزمان مسجد يعرف باسم النبي والملك إسكندر، ولقربه من قبر الاسكندر سمي بهذا الاسم.
هل القبر تحت مسجد النبي دانيال؟
اتضح من البحث أنه لا اصل لتسمية المسجد باسم النبي دانيال لأن هذا النبي الكريم دفن ببلاد العيلام بمدينة السويس كما هو وارد في الكتب المقدسة وطبقاً لتحقيقات كثيرة نفي ذلك، منها رأى فضيلة الأستاذ بشير الشندي المسهب. وهذا المسجد لم يظهر للوجود إلا في خلال القرن السادس عشر تقريباً ولم يذكره أحد من المؤرخين والرحالة من العرب قبل ذلك التاريخ علماً وهم معرفون بذكر التفاصيل والإطناب وذكر الروايات المتعددة والمصادر المتضادة. فلم يتعرضوا لهذا المسجد ولو بإشارة بسيطة مما يدل على عدم وجوده في تلك الفترة من الزمن - فالحافظ السلفي وصف كوم الديماس بأنه مقبرة إسلامية، وجاء البلوى في القرن السادس الهجري فوصف المدينة وآثارها والفنار ولم يتعرض لذكر المسجد. ثم تلاه ابن جبير والبغدادي اللذان وصفا كل آثار الإسكندرية عدا المسجد وكان يستحق بعض عنايتهم أن وجد، ثم جاء بعدهم مؤرخو القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادي مثلا ياقوت والمقريزي والسخاوي وغيرهم وكانت أخبارهم سلبية عن المسجد. حتى أن الرحالة الأجانب في تلك الفترة الذين وصفوا دقائق المدينة وخباياها لم يتعرضوا بأي إشارة عن المسجد والقبر مثل سبرياك دي إنكوناه، وليون الأفريقي. ثم جاء الرحالة مارمول في منصف القرن السادس عشر فذكر أن قبر النبي إسكندر كان في وسط المدينة