وقد نشرت مجلة آخر ساعة نموذجاً من خط هلن فكان آية من الإتقان والجمال واعتدال السطر.
ولم تدع المعلمة سوليفان وسيلة للتفاهم إلا علمتها إياها. ومن ذلك أنها علمتها نطق الكلمات وإن كانت لم تسمعها، وطريقتها أنها تضع أصابعها على فم المتكلم وإبهامها على حنجرته وتجتهد بعد ذلك أن تقلد حركات فمه وحجرته فتصدر اللفظ مشابهاً لصوت المتكلم ولكن ليس بوضوح تام. وهذا يستلزم أن تعرف كل كلمة صوتية تقابل الكلمة المخطوطة بحروف العميان أو المنقورة على كفها بأصابع معلمتها، ولا يخفى ما في هذا من العنت والصعوبة، ولكنه يقضي حاجة أحياناً. فأحيانا تتكلم هلن جملة لا يفهمها السامعون ولكن معلمتها أو سكرتيرتها تفهمها وتقولها للسامعين. وقد تعلمت هنا في مصر أن تلفظ جملة (السلام عليكم).
قرأت كتابها (قصة حياتي)، وهو يشتمل على ثلاثة أقسام: -
الأول تاريخ حياتها، والثاني معظم رسائلها التي أرسلتها لأساتذتها وصواحبها وذويها بخط يدها بالحروف المعروفة على الطريقة المشروحة آنفاً. والقسم الثالث تقارير المعلمة مس سوليفان التي كانت ترسلها كل حين بعد آخر إلى مس صوفيا هوبكنز الموظفة في معهد العميان ومنها تتصل بالأستاذ أنا كنوز مدير المعهد. وهذا القسم هو اقصر الأقسام الثلاثة ولكنه أهمها؛ لأنه تبسيط لكيفية تعليم هلن ووصف لسلوكها وأعمالها.
ولما نجحت مس سوليفان في التفاهم معها بالأصابع وبالكتابة وبالضرب على الآلة الكاتبة للعميان أدخلتها إلى معهد بركنز للعميان. وبقيت تلازمها حتى انتهت من العلم هناك. وإذا كانت تضرب الكلام على آلة العميان الكاتبة فلا مانع من أن تضرب الكلام بالكتابة العادية على التيب ريتر الذي نستعمله نحن.
نعم أن هلن محرومة حاسة السمع ولكن جسمها يحس باهتزازات الأصوات وبارتجاجات الدوي فهي من هذا القبيل أرهف إحساساً من السامعين والمبصرين.
في ذات يوم حضرت سباق كرة قدم بين جامعتي هرفرد وبابيل، وتقول في إحدى رسائلها أنه كان في ذلك المكان نحو ٢٥ ألف نفس. وكانت تحس بدوي التصفيق الهائل. قالت كدنا