يعيد به الحياة إلى رميم هذه الفنون اللغوية الأخرى إذا أراد أن يرفع من مستوى تعليمها ونشرها
وهكذا يصبح تعليم الأدب في مدارس المرحلة الثانية بأنواعها قاصراً عن أداء الرسالة التي ننشدها من تذوق النص الأدبي مادمنا لا نعالجه في هذه الصورة الحية. بل أن تدريس الأدب للناشئة في صورة ما يشرح لهم من جيد الشعر والنثر يعتبر دراسة كلاسيكية تقليدية لا تصلح لهذه المرحلة من التعليم، لأن الصلة بين هذه النصوص وبين نفوس التلاميذ تكاد تكون مفقودة، بعيدة كل البعد عن متناول مداركهم. وهي صورة بتراء لا تحقق الجانب العملي المقصود في الدراسات الأدبية الحية - إلا إذا أردنا أن نخرج ناشئة يستوعبون ولا يتذوقون، ويفهمون الفكرة فهماً عابراً ولا يمارسونها ممارسة عملية. أن مثل هذه الدراسات لا يمكن بحال أن تخرج أديباً إنشائياً يعالج الفكرة الأدبية ويواجهها في حيز حياته وبيئته، ولكنها تخرج ببغاء يردد ما لا يفهم وإن فهم شيئاً أو عالجه فهو بسفاد الغراب أو بالكبريت الأحمر أشبه.
وهنا يحق لك أن تسألني: وما علاقة تدريس الأدب بالأمثال في حياة اللغة؟ وكيف تستغل هذا الفن في تدريس الأدب لتلاميذ هذه المرحلة - أن كانت هناك علاقة.
أما عن علاقة الأمثال بفنون اللغة وآدابها فلا سبيل إلى تكراره بعد الذي ذكرته لك من صلات وطيدة بين لغة الحديث والأمثال والحياة. بينما تحس بخطورة البحث وأهمية التطبيق حين تفكر في هذا الفن وتبحث فيه على أنه وسيلة من وسائل إصلاح اللغة والنهوض بآدابها. وهي في المدرسة غير المجتمع العام.
ففي المدرسة أرى أن تستغل دراسة الأمثال العربية الأصيلة في الفصول الأولى من مدارس هذه المرحلة. ويرجع المدرس في ذلك إلى الكتب المعتمدة في هذا الباب ككتاب الأمثال للميداني. ويلتقط منها بقدر الطاقة ما يقابل الأمثال العامية في معناها ومبناها ومرماها. ويستطيع المربي الحصيف أن ينجح في تدريس الأدب العربي في هذه الصورة نجاحاً محققاً؛ وأن ينهض بالثروة اللغوية والأدبية للأسباب الآتية:
١ - إن نصوص الأمثال في ذاتها سهلة ميسورة مهما التوت مفرداتها اللغوية؛ لاتساع معناها وجرس مبناها، ولأن لها في الغالب ما يقابلها من الأمثال العامية ولو من ناحية