مرآة صافية تتمثل فيها جوانب شخصيته الممتازة. وقد ترجم أغلب نوادره إلى اللغات العربية والفارسية والهندية فضلاً عن أنها ترجمت إلى كثير من اللغات الأوربية الحديثة. وقيل أن أحد الإنكليز المغرمين بنوادر جحا كان يقتني كل نادرة غير موجودة في مجموعته بجنيه أسترليني، حتى تمكن من الحصول على عدد غير قليل من نوادره. .
كان جحا يجالس العلماء البارزين ويتحداهم في كثير من المسائل، وكان يصاحب رجال الدولة وخاصة القضاة منهم، فيستشيرونه في كثير من الأمور فيرشدهم إلى أسلم الحلول. وكان الأفراد، صغيرهم وكبيرهم، يحتكمون إليه فنراه يحل مشاكلهم بفطنته وبقطع بينهم دابر الفساد بدرايته. فيرضى بحكمه الصغير ويقنع برأيه الكبير. . يحسم النزاع بشكل لا يدع فيه للاعتراض مجالاً ولا يترك للمناقشة باباً. يعبر عن غاياته بتعابير شيقة توافق مقتضى الحال. فيعرف كيف يخاطبٍ الصغير ويجارى الجاهل الغرير وهو يعرف كيف يوازي الحكيم المحكم ويوازن الشيخ الكريم. . .
أدرك جحا عصر تيمورلنكالملك الجبار وأنس بمجلسه. وكان يواجه في كل حين مواجه صديق لصديقه، لا يأخذه منه روع أو جزع. .
دخل تيمور بلدة جحا مظفراً منتصراً على العثمانيين. فخاف الناس أن يصيبهم منه أذى حتى أقدم جحا على زيارته وأبدى جسارة في الجلوس بجانبه. ولما رآه وقد مد إحدى رجليه أراد أن يضحك منه؛ فمد هو رجله من ساعته. فاستشاط تيمور غضباً وقال له: لقد سمعت عنك أنك ظريف حكيم ولكن تبين لي أنك حمار! فتبسم جحا ضاحكاً وقال له: أجل أنه ليس بيني وبين الحمار فرق سوى ذراع أو ذراعين! فتعجب تيمور من هذا الجواب فأمر بالانعدام عليه وجعله من المقربين
ويروى عنها نكات كثيرة، تخص بالذكر هنا إحداها وقد تميزت بطابع القضاء الذي جعلنا المقال يدور حوله
ارتجل جحا يوماً إوزه وجاء يقدمها إلى تيمور. فغلب عليه الشوق إلى كل شرحة منها، فعالجها لاختيار الموضع الذي يأكل منه حتى تناول إحدى رجليها. . ففطن السلطان للمسألة، فسأله بغضب عن علتها فأجاب جحا قائلاً:
- إن الإوز في هذه البلاد - يا سيدي - له رجل واحدة! وأشار إلى الإوز في الحديقة وهي