حكي أن ثرياً قال لجحا: أن تبصق على وجه فلان، وهو عدو لي، فلك مني دراهم كذا. . وافق جحا على ذلك. . فرفع المشتكي أمره إلى القاضي ولدي السؤال أجاب جحا قائلاً. أن لدى فرمانا يخول لي في ذلك. .
فاستغرب القاضي من ذلك وقال له ارني هذا الفرمان. فأجاب بجحا يدفع كيساً إليه رغيفه نصف المبلغ الذي أخذه من صاحبه التاجر. وما أن اخذ القاضي الدراهم حتى ولي وجهه إلى المشتكي وقال:
- حقا لقد ابرز خصمك فرمانا يخول له الحق أن يبصق. على وجهك وعلى وجوه الناس بل وعلى وجهي كذلك. .
وتقلد جحا منصب القضاء مدة طويلة كان خلالها مثال الحاكم العادل الذي لا يغريه الطمع والحكيم المجرب الذي لا يغويه الفساد. فكان حازماً في رأيه صريحاً في نطقه، قوي الحجة كثير البلاغة، ذكيا ذا فطنه لا تخدعه خديعة الماكرين ولا يجترفه عن الصواب مكر الماجنين.
حكى أن أحد الماكرين أراد أن يحتال على كسار خشب، فادعى أن له بذمته مبلغاً نشأ عن المدعى عليه على كسر الحطب بترديده كلمات (هينغ. . هينغ) حيث سهل أمر الكسر، ولذا فإنه يطلب من المحكمة إلزام المدعي عليه بالمبلغ المدعي به وهو اجر قوله. . .
تأمل القاضي - وكان جحا - في المسألة ثم قال للمدعي عليه: هات المبلغ المدعي به وما أن اخذ الدراهم حتى رنها وأعادها إلى صاحبها المدعي عليه قائلاً:
- إياك الدراهم. . وأنت يا مدعي قد انتفعت بصوتها فهو اجر قولك
ويروى عن جحا في هذا الموضوع نوادر شتى، منها:
المدعي (مشيراً إلى المدعي عليه) لقد كان هذا يحمل ثقلا فوقع من ظهره، وطلب إلى أن اعاونه، فسألته عما يعطينيه قال (لا شيء) فرضيت بها وحملته الثقل. . . ولذا فإني أطلب من المحكمة إلزام المدعي عليه بتأدية (لا شيء) لي
جحا (وهو القاضي) - دعواك صحيحة يا بني. . تقرب مني وارفع هذا الكتاب. . ماذا في أسفله؟