في الإمكان أن يتاح للأسر وللشباب وللفتيات أن يحققوا جميعاً غايتهم من الاستفادة من الهواء والماء، بطريقة آو بأخرى أما على هذه الصورة، فليس الأمر أمر صحة أو راحة أو إجازة، فان الحياة فوق البلاج ليست باليسيرة على النفوس التي تعيشها، وليست مؤدية بأي حال إلى ذلك السلام آو الاستجمام المنشود. .
وإنما هذه (سوق) يقام، فيه كل أنواع الصراع والصياح والضجيج، وفيه قسوة النزاع النفسي الداخلي، وأسباب الإغراء، ووسائل المتاع الجسدي، واستفزاز الشهوات وتدافقها واندفاعها.
أن الحياة في القاهرة طوال العام ليست إلا مقدمات إلى نتائج لهذه الفترة التي يقضيها الفتى أو الفتاة على البلاج. أنها فترة التحضير والأحلام بالأجساد العارية، والجلسات المائية والنظرات الباسمة، أو هي النتائج القاسية للحظات التي استحكم الشيطان، أو تطامنت فيها الغريزة. .
أن (الحرية) التي يتمتع بها الناس على البلاج (ضريبة قاسية تدفع من الأجساد ومن النفوس ومن الأرواح، تدفع من حساب هذا الوطن، ولا يستفيد بها إلا خصومه، فهي تؤخر نهضته أعواماً، بل أجيالاً. . وهي لا تفسد نفوس الجيل الحاضر فحسب، بل تترك جرائم المرض في أجساد أخرى مازالت يافعة نضرة، فإذا استوت كانت اعجز من أن تقاوم التيار آو تواجه الحقائق. . فإذا ما اصطدمت في (معركة) خرت كليلة واهية.
أن الأمم التي أطلقت لنفسها العنان في ميدان اللهو كانت قد تحررت أولا ونضجت، واستحصدت شخصيتها. . فكان بعد ذلك أن تلهو. . أما (نحن) الذين ما زلنا نكافح ونجاهد ونصارع في سبيل الوجود الذاتي، وفي سبيل تحرير أوطاننا، وإقامة دعائم مجتمع كامل، فإننا في حاجة إلى سواعد قوية مفتولة، ونفسيات قد بلغت غاية السمو والكرامة والعزة، نفوس قد فطمت عن الشهوات، وترفعت عن الصغائر، وتسامت عن النزوات، فحفظت كيانها الروحي والنفسي والعقلي قويا عالياً. . ولاشك أن مدرسة (البلاج) تتعارض مع هذا النوع من الشباب تعارضاً كاملا، بلى أنها من أسباب القضاء عليه. . أنها تمده بالمادة السامة التي تحطم البقية الباقية. . فلا تدعه يسطع يوماً، أو يقف موقفاً حاسماً آو يصمد في