النزاهة والشرف تشييد شوامخ القصور) وعلى انه كان عارفا بأن الميسر ليس من مشرفات الأعمال فأنه لم يجد بدا من إبقاء نظام الميسر على وضعه ليسد حاجته، وليعيش عيشة يرضاها، فكان يقيم الحفلات ويولم الولائم. ويظهرللناس بمظهر الأبهة التي يعدونها في قصور الملوك. وكان يمنح المنح، ويجزل الهبات ويشكل اللجان، ويشرع النظم وينشأ المحاكم. . . وكان يعرض الجيش ويطوف بأنحاء المملكة، ويفعل فعل غيرة من الملوك ولكن في صورة مصغرة كنسبة مملكته المصغرة إلى بقية الممالك!
وكان أهل (موناكو) معروفين بالمسلة وليس العريكة، فليس بينهم مجرم ولا سفاح، حتى حدثت منذ سنوات جريمة قتل كانت الأولى في تاريخ هذه المملكة؛ فأجتمع لها القضاة في يوم مشهود ليتداولوا في شؤون هذه القضية وفق أصول العدل والأنصاف. وكان ذلك الحفل المهيب يضم رجال القانون من محامين وقضاة ومحلفين ومدعين عامين. وقد ظلوا يتدارسون نصوص القانون. ويؤولونها، ويذهبون في تفسيرها المذاهب حتى اصدروا حكم الإعدام على ذلك القاتل وفق إحدى مواد القانون! وحمل القرار من بعد ذلك إلى الأمير، فقرأه وأصدر الأمر بالموافقة على ما يرتئون!
على أن مشكلة واحدة بقيت لتنفيذ الحكم، إذا لم يكن في المملكة مقصلة ولا كان بها جلاد! فبحث الوزراء المشكلة وقرروا أن يفاوضوا الحكومة الفرنسية في أمر أعارتهم مقصلة وجلاد لتنفيذ حكم الإعدام وطلبوا منها معرفة ما يقتضيهم ذلك من الأجور. ثم أرسلوا بالكتاب إلى رئيس الجمهورية الفرنسية.
وبعد أسبوع ورد جواب الرئيس قائلا (أن تكاليف إرسال مقصلة وجلاد تبلغ ستة عشر ألف من الفرنكات) وعرض هذا على الأمير فعجب من استحالة قطع راس هذا الأثيم إلا بهذا المبلغ الجسيم الذي لا تقوم بشيء من حياته! ثم طلب التفتيش عن طريقة أرخص لا ترهق الأهليين بضريبة جديدة يجبرون عليها، وربما كان من ذلك ثورة جامحة تندلع ألسنتها فتغطى على الأمن في البلاد!
. . . ودعي مجلس الوزراء للبحث في هذه المشكلة من جديد. . وعندئذ قرر المجلس إرسال طلب آخر إلى ملك إيطاليا ذلك بان حكومة فرنسا جمهورية لا ترعى الود المتبادل بين الملوك وليس أمر ملك إيطاليا كذلك، فإنه - ولا شك - سيرعى حرمة الزمالة التي