تربطه بالأمير فيتساهل معه وعلى هذا فقد كتبت رسالة في هذا الغرض وأرسلت، فجاء الجواب:(إن من دواعي غبطة الحكومة الإيطالية تجهيز جارتها بالمقصلة والجلاد مقابل أثنى عشر ألفا من الفرنكات ضمنها تكاليف الإرسال والإعادة) وهذا الأجر وان كان اقل من سابقه إلا أن المجرم لا يستحق إنفاق هذا المبلغ عليه، وتكليف الرعية بان يدفع كل فرد منها فرنكين:
وهكذا دعا المجلس الثالث للاجتماع فتداول أعضاؤه الأمر وتناقشوا في المعضلة لعلهم يهتدون إلى طريقة رخصةفي قتل هذا المجرم. فقال قائلهم: أو لا يمكن تكليف أحد من الجند بقطع رقبة هذا الأثيم؟ وليكن ذلك كيفما اتفق إذ المهم أن يموت! فدعا لذلك قائد الجيش وألقى عليه السؤال. فجمع جنده وسألهم: أفي استطاعة أحدكم تنفيذ المهمة؟ غير انهم يجبوه ولم يرتضوا ذلك منه، وقالوا له (أن ذلك من شأننا - نحن - ولا كان مما سبق أن دربنا عليه!)
هنالك فكر الوزراء وتذكروا فأجمعوا أمرهم على تفويض النظر في القضية إلى لجنتين: عليا ودنيا، وأخيراً تم القرار على الاستعاضة عن حكم الإعدام بالسجن المؤبد والأشغال الشاقة، وكان الأمير بهذا يستطيع أن يرى الرعية رأفته ورقة قلبه، كما أن تلك الطريقة كانت أرخص العقوبات جميعا! ووافق الأمير على هذاالحكم الأخير وأوشك التنفيذ أن يتم لولا أن قامت أزمة جديدة؛ وتلك هي أزمة أيجاد سجن يقضي فيه هذا السجين حياته. على انهم أخيرا وفقوا إلى إيجاد غرفة لأقامته وكانوا به سجاناً يتولى أمر حراسته وإطعامه من مطبخ القصر.
ظل السجين في محبسه تتعاقب عليه الشهور حتى اكتملت عليه سنة تماما؛ ولكن بيننا كان الأمير يفحص ميزانية الدولة ويقلب فيها نظره لاحظ أن فيها باب جديدا من النفقة، تلك هي نفقات سجن هذا المجرم الشقي، ولم تكن هذه بالنفقات اليسيرة البسيطة، ولا كانت بالسهلة القليلة، وإنما كانت شديدة الكلفة ثقيلة الوطأة على ميزانية الدولة! فقد كان المجرم هذا حارس يمنعه من الهرب، ورجل غيره يتولى أمر إطعامه! وفي هذا السبيل صرفت ستمائة فرنك من ميزانية الدولة هذا العام! والأدهى من ذلك أن الرجل في ميعة الشباب صحيح البدن معافى، ولربما امتد به العمر إلى خمسين من السنين! ولو حسب المرء