للمسألة هذا الحساب لم يجدهابالسهولة التي كان يتصور وعلى ذلك فقد جمع الأمير وزرائه وقال لهم:(إن عليكم أن تكتشفوا طريقة غير هذه تكون أخف مؤونة وأقل منها نفقة، فهذه التي اتبعتموها باهضة لا قبل لنا بها!)
وتداول الوزراء الأمر بينهم حتى اهتدى أحدهمإلى فكرة فقال لإخوانه:(أيها السادة، إن من المعقول - في نضري - أن نفصل الحرس فنقتصد نفقاته). غير أن وزيرا آخر اعترض عليه قائلا: إن الرجل سيهرب إن لم يجد من يحرسه.) وهناك رد عليه صاحبه: إن ذلك ما يريدون إذ لا يهمهم أن يهرب)
وتم على ذلك الاتفاق. فرفعوا إلى الأمير تقرير يشرحون له الأمر فوافقهم على ما يرتئون. وفصل الحارس عن عمله وظل جماعة الوزراء يرتقبون المآل حتى جاء موعد الغداء واشتد بالسجين الجوع، فخرج بعد أن طال ارتقابه لحارسه حتى يأس منه - إلى مطبخ القصر وأخذ طعامه منه وعاد إلى غرفته وأغلق على نفسه الباب! وعاد في اليوم التالي فكرر ما صنع بالأمس في الوقت المعين المحدود. وهكذا قبل السجين هذا العناء الجديد، دون أن تخطر له فكرة الهرب من هذا السجن على بال!
وإذا فماذا ترى الوزراء فاعلين؟
هنالك اجتمعوا وبحثوا المشكلة من جديد فقر رأيهم أن يصارحوه بعدم رغبتهم في بقائه، فاستدعاه (وزير العدل) إليه وسأله
- ما بالك لا تهرب وليس عليك حارس يمنعك؟ أذهب حيث شئت فلن يعني بذلك الأمير. فأجاب الرجل: - لعلي أستطيع أن أقول أن الأمير لا يعنيه، ولكن أين المأوى الذي آوي إليه؟ ولا حيلة لي في الحصول على قوتي وقد وصمتموني بأشنع الصفات بأحكامكم التي أصدرتم علي. وهؤلاء الناس لن يأتمنوني بعد الآن على شيء. ذلك إذا أني اعتدت حياة الكسل والخمول فنحطط بالتدريج. لقد أسأتم إلي حقي، فقد كنتم أصدرتم الحكم علي بالإعدام فلن تنفذوه، استعضتم عن ذلك بحكم الأشغال المؤبدة الشاقة وعينتم لذلك حارساً كان يأتيني بطعامي، غير أنكم - بعد بره من الزمن - عزلتموه فاضطررت إلى الذهاب بنفسي إلى المطبخ للحصول على ما يكفيني من الطعام. ثم إنكم - بعد ذلك - تريدونني على الفرار! كلا يا سيدي، كل شيء يصح إلا ما تريدونني عليه؟ اصنعوا ما بدا لكم