للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نفسها اسم (الاتحاد الاشتراكي) واختارت البرفسور (آلان فلاندرز) أستاذ العلاقات الصناعية في جامعة أكسفورد رئيساً لها، وأخذت تكيل للمستر بيفان الصاع بالصاع. فلما أصدر المستر بيفان كتابه الهام (بدلاً من الخوف) أصدرت الجماعة كتيباً بعنوان (مقالات فانيانية (اشتراكية) جديدة) ولما رد عليها بيفان بمقال بليغ في مجلة (تريبون) أسرعت الجماعة فأجابت بكراس عنوانه (الاشتراكية: بيان جديد عن مبادئها) وضع مقدمته المستر أتلي رئيس حزب العمال

وقد خلق هذا الحوار لوناً من المتعة العقلية للذين يتابعون الأدب السياسي في بريطانيا - وهو لون من الأدب يحرص على بلاغة التعبير ومتانة الأسلوب وروعة الفن حرصه على عمق الدراسة وقوة المنطق وسلامة التفكير

والحوار بين قادة حزب العمال ورؤوسه المفكرة لا يقتصر على السياسة الداخلية للحزب وعلى علاقة بريطانيا الخارجية مع خصومها وحلفائها، وإنما يمس نواحي هامة من تيارات الفكر السياسي في حاضر الثقافة البريطانية؛ وهي ثقافة محافظة تمر الآن في مرحلة هامة تواجه فيها لوناً من التطرف الفكري يعبر عنه المستر بيفان ومشايعوه في الرأي وهم جماعة لها وزنها في الحياة السياسية وفي أوساط الأدب والفن كذلك

فهذا الرجل وآراؤه عنوان للتطور الفكري في عقل ثوروي يحرص على تغير الأوضاع على أسس اشتراكية بأن العنف والثورة المسلحة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق العدالة الاجتماعية والواقع أن الحركة الاشتراكية في بريطانيا كما يؤمن بها ويعمل على تطبيق مبادئها حزب العمال تختلف في هذه الناحية اختلافاً جوهرياً عن الحركات الاشتراكية الأوربية، وهي حتماً تختلف عن اشتراكية السوفييت والدول الشيوعية الأخرى

وهذا الطابع السلمي للاشتراكية البريطانية هو الذي مكنها من أن تكسب ثقة خصومها المحافظين الذين دعوها إلى الاشتراك في الحكم إبان الحرب العالمية الأخيرة، وأن تستخلص منهم الحكم في سنوات ما بعد الحرب، وأن تشاطرهم السلطة التشريعية في البرلمان البريطاني حتى بعد أن أفلتت من يد العمال السلطة التنفيذية (الوزارة) إثر انتخابات العام المنصرم. وقد استطاع العمال الاشتراكيون في بريطانيا أن يحققوا هذا النصر المتتابع دون أن يلجئوا إلى إراقة نقطة واحدة من الدم أو أن يعصفوا بالحياة

<<  <  ج:
ص:  >  >>