للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الاستعمارية في الهند الصينية وفي المغرب العربي، وعجزت المصانع البريطانية عن أن تجد لمنتجاتها أسواقا فعمت البطالة في مصانع النسيج في لانكشير، وعجزت المنشآت الصناعية البريطانية الأخرى عن تزويد زبائنها في آسيا وإفريقيا وأوربا اللاتينية بما يحتاجون إليه من آلات ومعدات بعد أن استأثرت برامج التسلح البريطاني بالجزء الأكبر من الحديد والمواد الخام.

وبسبب هذا التطور في وضعية بريطانيا الاقتصادية وبفضل امتثالها لإغراء أمريكا المادي وضغطها السياسي فشلت الاشتراكية البريطانية في تنفيذ إصلاحاتها الاجتماعية وفشلت بريطانيا في إنقاذ نفسها من شبح الإفلاس الاقتصادي والتدهور السياسي الذي أخذت تنحدر إليه في الآونة الأخيرة.

ولم يكتف المستر بيفان بالنقد وإنما رسم لحزبه والمجتمع البريطاني الأكبر برامج جديدة للخروج من هذه الورطة؛ فأشار في كتابة (بدلا من الخوف) أن لا تنساق مع أمريكا في إصرارها وعزمها على القضاء على النظام الشيوعي في روسيا والصين؛ وتهيئة الحرب اللازمة للمعركة الفاصلة.

وبفيان لا يؤمن بالشيوعية السوفيتية ولا يرغب في أن يجعل السياسة البريطانية مرتبطة بها. ولكنه مع ذلك يعتقد بأن في العالم مجالاً واسعاً لجميع الأنظمة السياسية. فهو لا يرى بأساً من أن تعيش روسيا بنظامها الشيوعي المطلق في نفس العالم الذي تعيش فيه أمريكا بنظامها الرأسمالي وبريطانيا بنظامها الاشتراكي واسكندنافيا بحركاتها التعاونية. وهو يعتقد أن روسيا لا ترغب في حرب جديدة ويستشهد على هذا بأن إنتاج روسيا من الحديد (ومقداره السنوي ٣٠ ألف طن) لا يشجعها على الدخول في حرب مع أمريكا وحلفائها ومعدل إنتاجها من الحديد والمواد اللازمة لجهاز الحرب يفوق الإنتاج الروسي بعدة أضعاف.

وينصح بيفان قومه بأنه إذا استقلوا في سياستهم الخارجية عن أمريكا وضمنوا عدم اعتداء الروس على المصالح البريطانية استطاعوا أن يتفادوا برامج التسلح ونفقاته الهائلة، وأن يحولوا الإنتاج إلى صناعة سلمية تستعبد الأسواق التقليدية في الشرق على شرط أن تتبع بريطانيا أسلوباً جديداً في علاقاتها مع الشعوب التي لم يكتمل نموها الاقتصادي في آسيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>