فيا نفس أن رمت الوصول إلى العلا ... ردى قسطل الهيجا وغمرتها ردى
أما ويمين الله وهي أليه ... تقال فتغنى عن يمين وشاهد
سأصفح عن هذا الزمان وماجني ... متى ظفرت كفاي منه بماجد
وإن ألقه بعت الحياة رخيصة ... وآثرته باثنين: سيفي وساعدي
وقوله:
ما أعجب الأيام كم دفعت بنا ... في ذي الحياة لشدة ومضيق
أنا في زمان عشت فيه بمعشر ... يجزي الجميل لديهم بعقوق
طرحو المهند للعصاو استبدلوا ... بالأمس تغريدي لهم ينعق
مادمت سباقا فليس بضائري ... أبدا مقال مدفع مسبوق
لاشك في أن الروح التي كانت تعتلج في أجساد الشعراء السادة الفحول من شعراء العرب وخصوصا الفرسان هي نفسها التي كانت تضطرم بين جنبي شاعرنا العباسي إبان نظمه للأبيات الآنفة الذكر. ولا غرو فالعباسي كان من أرباب السيف والقلم وقد خاب في مضمار السيف فتركه ليبرع في الشعر أسوة بشاعر النيل حافظ إبراهيم. . على أن حافظا كان رحمه الله فقير محتاجا فكان يحس في أعماق نفسه بالمجاعة فأراد أن يكون شاعر القصر عساه يتمتع بمباهج الحياة في ظل القصور الفارهة الناعمة. . ولما خاب أمله اتجه إلى الشعب ليسكب ثورة نفسه وألم خيبته في الشعر الذي كان يعبر به عن آمال نفسه ٠ أما العباسي فقد كان مكتفيا وكانت المادة متوفرة لديه فلجأ إلى الشعب يخاطبه بشكل آخر، شكل السيد الآمر، والزعيم المضطهد، لذلك جاءت في شعره أقباس من طموح الزعماء، وآلام من ثورة الأحرار الذين رغم انصرافهم إلى السياسة وأمور الدنيا لم ينسوا أخرتهم ودينهم لتأثير الناحية الدينية عليهم منذ نشأتهم.