واستقرارها فوضى ثقافية تسربت إلى جيلنا من بلبلة برامج التعليم وتنوع الغذاء العقلي والروحي الذي يغزونا من كل الجهات، من تراث الماضي وقوته التي تهيمن على بيئتنا وتكويننا الخلقي، ومن تيارات فيها من عناصر التشويش والتناقض ما يفرض على عقولنا واحساساتنا صراعا لا رحمة فيه، ندفع إليه مسيرين لا مخيرين رغبة منا في أن نحقق لأنفسنا نهجا في السلوك وسبيلا إلى الطمأنينة تتناسب مع ما تشعبت به عقولنا وعواطفه من مبادئ وما تولد في أنفسنا من حاجة إلى العيش الشريف في عالم تشعبت مطالب العيش فيه وازدادت في مجال الموازنة مع مطالب الأجيال السابقة.
هذا والكثير من أشباهه بعض ما نواجهه من تحد. ومن ثم ألمت بشخصية جيلنا ألوان من القلق وضروب من المسؤوليات تفرض عليه أن يجد لمواجهتها حلولا سليمة
فمنا من ينساق إلى مغريات التطرف فيثور على النظم والمجتمع وبيئته وثقافته، ويعتقد بأنه واجد الخلاص في اعتناق هذه النظم والمبادئ المتطرفة التي يخيل إليه إنها ستوفر لأزمته أقرب الحلول وأقصر المسالك. وتاريخ الإنسانية ملئ بهذا النوع من أفراد المجتمع الذين يسأمون من بطأ التطور، فيلجئون إلى التغلب عليه بسلاح التطرف في العمل والتفكير.
ومنا من ينكر على جيله تعدد المطالب وتشعب المسؤولية فيختار العيش في الماضي المحافظ ويمتزج امتزاجا كليا في تقاليده وتراثه وبيئته لعله قادر على أن يحقق مطلب النفس من الطمأنينة والاستقرار الذي يبدو له أن الجيل السابق والأجيال التي أتت قبله قد استطاعت أن تنعم بها.
ولكن أكثرنا لا يرضى عن هذين الاتجاهين، فهو لا يستطيع أن يعيش في الماضي المحافظ في عزلة عن تيارات الفكر والتطور الذي ألم بالحياة وبالمجتمع الأكبر. فكل شيء في الحياة والمجتمع تلح عليه أن يواجه العصر بأسلحة العصر. ولكن أكثرنا مدرك كذلك بان التطرف والثورة على النظم ليست كفيلة بان توفر لهم ولقومهم ما هم في عوز إليه من عدالة واستقرار
فالثورة والاندفاع المتطرف في عالم تكتنفه الذئاب لا يحقق لجيلنا ما يطمحون إليه من أسس ومبادئ ألا إذا ارتضى لنفسه ولقومه أن يصبحوا فريسة لطبقة من المجتمع أو لدولة