للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تستورده من ذخيرة وعتاد وإنما تسعى جادة لإنشاء المصانع في أرض الوطن بعد أن تتيقن من أصناف المواد الخام المتوفرة في تربتها؛ فإن عراك الجيل يجب أن لا يقتصر في استعداده على ما يستورد من بضاعة فكرية مصادرها عديدة وإلا كان أشبه بالجيش الذي يتسلح ببندقيات بريطانية رصاصها بلجيكي وطائرات روسية لا يصلح لإدارتها ما يتوفر لهذا الجيش من غاز معكر.

فالمهم أن نعكف قبل كل شيء على إحصاء ما يتوفر لدينا من مادة خام - من بيئة ومقومات وتراث روحي - قبل أن نختار القوالب الفكرية المستوردة التي نطمح في أن نجهز بها أنفسنا وعقولنا لمواجهة مسؤوليات الجيل.

فبنا حاجة ماسة إلى الجذور؛ جذور الفكر وأحوال التراث ودعائم البيئة التي نشأنا فيها وطبيعة المقدمات الخلقية والثقافة التي يعيش عليها مجتمعنا.

ومن هنا أخذ فريق منا يندفع باحثا عن همزة الوصل بين تراث الماضي وذخيرته ومسؤولية الجيل الذي نحن منه

وبفضل ذلك وجد كاتب هذه السطور نفسه راغبا في أن يشارك قراء الرسالة في متعة نعم بها مطالعته لكتاب أصدرته المطابع الغربية مؤخرا لمؤلفة فرنسية شابة كلفها رجال المقاومة السرية في فرنسا إبان الاحتلال النازي أن تدرس الأسباب التي آدت التي أدت إلى انهيار فرنسا السياسي والعسكري وتقلص الروح المعنوية بين الكثرة الساحقة من أبنائها، وإن تستوحي من ذلك من ذلك أسسا للمجتمع الجديد الذي ألقيت مسؤوليات تعميره على عانق الجيل الذي هي منه.

فجاء هذا الكتاب سجلا لكثير مما يسود حاضر هذا الجيل من قلق وانفعال؛ وإيجاد صادقا لما تعتقد هذه الكائنات القديرة بأنه عون على مواجهة مسؤولياته الجسام.

وقد شغفت هذه المؤلفة سنوات طوالا بمعالجة موضوعات فلم تكترث للسل الذي كان يمتص حيويتها ولم تضع القلم ألا بعد أن تمت البحث فتلقف الناس الكتاب وزحفت هي إلى القدر لتقد رقدتها الأخيرة.

واسم المؤلفة (سيمون وايل) وقد توفيت عن (٣٣) عاما أما الكتاب فترجمة عنوانه (الحاجة إلى الجذور) وهي الترجمة التي أختارها الناشر الإنجليزي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>