ما العمل لرد أهل هذه الناحية إلى حظيرة المسيحية فكان جواب الجميع انه لا أمل لنا في ذلك قبل قلب نظام توزيع الأراضي واستغلالها، وهو نظام إنساني يعيش فيه الفلاح وهو ينظر للحياة نظرات لا آفاق فيها).
ورغما من كون هذه النظريات التي تشبع بها غير ما واحد من رجال الكنيسة وإن لم يتوصلا كلهم لنفس النتيجة أي قلب نظام الحالي في الامتلاك والاستهلاك، فإن الرجعيين من الفرنسيين وخصوصا أصحاب الحزب الملكي المنتمين لأحد زعمائه وهو موراس - يقولون في حكمهم على هذه النظريات: إن هذا دين جديد، مخالف لما كان عليه دين آبائنا لكونه لا يقر الحياة التقليدية التي عاش عليها الفلاح منذ قرون وتكونت منذ قرون، والذي يظهر من أمر هؤلاء الحوارين الصغار أن نظرياتهم لا تستند على كاثوليكية ولا على سياسة اجتماعية رشيدة، وإنما مبناها أقوال الماركسية!
ولا غرابة في هذا الحكم مادام مأتاه من قوم عرفوا بضيق الفكر وشذوذه في كل شيء. والعجب كل العجب أن متزعم الحركة الملكية في فرنسا يقول بخلاف ما يدعه من يزعمون الانتساب إليه، وقد عرف عن لوكنت دوباري أن له نظريات اجتماعية قد يرتضيها كثير من أحزاب العمال وهي مغايرة لكثير من نظريات أتباعه.
ولكن الذي لا نفهمه هو أن كثير من المسيحيين المترددين أو المتحجرين الحامدين أمام القضايا الاجتماعية سواء في فرنسا أو في إسبانيا أو إيطاليا - لم يعتبروا بما وقع لروسيا التي ترددت كثيرا وجمدت ما شاء لها من التعصب والجمود أن تفعل طوال القرن التاسع عشر، وعلى رأسها الأرستقراطية جبارة كانت تتصرف في الأراضي وما عليها من رقاب تصرف السادات والإقطاعيين، ولم تحاول حل المشاكل الاجتماعية بل لم يثبت أن قادتها أعاروا أذنا لسماع شكوى العامل والفلاح مما كانوا فيه من أنواع البؤس والشقاء. فنفس جواب الرجعيين في أوربا الغربية الآن كان يجيب به سادات روسيا العامل والفلاح ومن كان يتزعم حركتهما الإصلاحية مستندين في ذلك على سوء فهم الدين، وعلى تخدير الأعصاب الذي كان يقوم به رجاله المأجورون. ولكن ماذا كانت النتيجة سنة ١٩١٧؟
إنها كانت الشيوعية التي اكتسحت نصف أوربا وبعض من أسيا الآن، والتي ستضطر الإنسانية لصرف جميع ما تملكه في مقاومتها مع عدم تحقيق الغلبة عليها، لأن القضاء على