يباركون في تصرفاتهم لاستغلال المال والعملة، وكانت الكنيسة الكاثوليكية كلما قاموا من بينها ومن بين رجال الفكر والمنتمين أليها من يندد بأعمال الرأس ماليين ويدافع عن العملة مثل الأب لكوردير والأب لمنى وغيرهما تقاومه وتحرم النظر في كتبه لأنها تشتمل على أفكار وأراء تعتقدها مخالفة لتعاليمها وقد قام في فرنسا بعض صغار الرهبان، واغلبهم من الشعب وأخذوا على أنفسهم التقرب من العامل والفلاح لدرس حالته أولاً وأعانته في شدته وضيق عيشته والدعوى إلى رحمته ليخرج بذلك مما هو فيه من بؤس وشقاء.
وإذا خرج من ذلك أبتعد - في نظرهم - كل البعد عن حظيرة الشيوعيين. ولقبهم مناوئهم - بالآباء الحمر - لكونهم يعيشون في أواسط العمال ويعيشون عيشتهم، ومنهم من يخدم في المعامل. وإذا كان عددهم الآن قليلا جدا لكون الكنيسة لا تنظر إليهم بعين الرضا - فإن أثرهم ملموس في أواسط العمال الذين يحسون منهم بصدق وإخلاص في المأمورية الإنسانية التي يهدفون أليها.
والعجب كل العجب أن بعض هؤلاء (الآباء الحمر) قد توصلوا في درسهم حالة العمال إلى نتيجة هي نفسها النتيجة التي توصل أليها الباحثون قبلهم من أصحاب النظريات الاقتصادية في كل زمان ومكان، وهي أن مسألة العمال الفلاحين - أو ما نسميه العدالة الاجتماعية - تحتاج إلى قلب النظام في الاستهلاك والاستغلال وإعادة النظر في توزيع الأراضي الخ - وهم بوصولهم لهذه النتيجة كأنما كانوا على موعد عندها مع مفكري الماركسية احب ذلك أمكره! لذلك فأنهم يسخطون الكنيسة والرأسمالية على السواء غير انهم لا يخشون في الحق لومة لائم وإن كانوا ناقدين لأوامر الكنيسة
ولكي تعرف رأي أحد هؤلاء (الرهبان الحمر) نأتي إليك بفقرات من الكتاب المذكور، يقول صاحبه ما نصه:
(لقد قوضيت أيام من فصل الربيع الأخير مع جماعة من المبشرين في بادية فرنسا في أواسطها. ولقد أنسلخ سكان هذه الناحية عن المسيحية بحث لم يبقى عندهم من مظاهر المسيحية ألا ما علق بتقاليدهم الشعبية وما هو ممتزج بخرافاتهم وأوهامهم التي تسود فيها معتقدات هي ألصق بالسحر من غيره. وكان حاضرا معي في هذا الجمع عدد من الرهبان والخوريين يبلغ نحو العشرين - ففحصنا يوما لدرس هذه الحالة وأمامنا سؤال واحد وهو: