للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإذا كان جمهور أهل البوادي لازال يقدم أولاده لماء المعمودية، ولا زال يتزوج ويقيم جنائز أمواته في الكنائس، مظهرا بذلك تشبثا بالكاثوليكية؛ فإن مجموع سكان المدن ألا من شذ - وحتى أفراد الطبقة الوسطى منهم وقسط من الطبقة البرجوازية العليا - كل هؤلاء أصبحوا يعتبرون الكاثوليكية كتحفة أثرية وعقيدة عتيقة دخلت في حكم التاريخ لا حاجة بالناس لإضاعة الوقت في مناقشتها والجدل فيها والخاصة في كل وسط من الأوساط الاجتماعية هي التي عدلت عن الأيمان بالله وهي التي قطعت علائقها بالكنيسة الرومانية متوجه نحو العلم والرقى العلمي، ونحو جميع الأوثان المزيفة التي نصبها العالم الحديث، وبذلك يحاولون تحقيق أهدافهم الإنسانية على أكمل وجوهها).

وبعد أن أطال الكاتب وأنبط في تصوير هذه الحالة التي تعتبر من صفحات الكاثوليكية السوداء في العصر الحاضر، زاد قائلا:

(أخذت فرنسا تبتعد عن المسيحية منذ القرن الثامن عشر ميلادي، وقد اصبح إغراقها في الإلحاد في الوقت الحاضر في أقصى درجة ممكنة، ويشمل ذلك عدداً كبيرا من الفرنسيين، وخصوصا أفاضلهم ممن ينعتون بكونهم محافظين ممن عرفوا بانتمائهم للنظريات التقدمية.

نعم أن الكاتب يقول بعد ذلك أن هناك رد فعل لا نزاع في وجوده من طرف الكاثوليكيين وخصوصا من الشباب لاسترداد ما فات الكنيسة من تأثير على النفوس، ونحن كذلك لا نناقش في هذا لأن الكاتب متفائل كل التفاؤل ونرجوا أن يكون موفقا في تفاؤله وإن تتوج تلك الجهود بالنجاح أو ببعض النجاح

ويختم مقاله المتشائم في بدايته المتفائل في نهايته بقوله: أن كنيسة فرنسا تتمتع بصحة جيدة ٠

ونحن لا يسعنا ألا أن نبارك هذه الصيحة، لولا أننا فوجئنا بكتاب كتبة الراهب منتو كلار عنوانه: الحوادث والإيمان صادرته الكنيسة الكاثوليكية بعد ظهوره وحرمت قراءته على المسيحيين نظراً للأفكار التي يتضمنها والتي تعتبرها أفكار ثورية، وهذا الراهب من أولئك الرهبان الأذكياء الذين عرفوا أن من بواعث انتشار الإلحاد والكفر والابتعاد عن تعاليم المسيحية، كون من سبقوهم فيها - وخصوصا منذ فجر النهضة الصناعية في أوائل القرن المنصرم - لم يكونوا في صفوف العمال والفلاحين، بل كانوا في جانب الرأسماليين

<<  <  ج:
ص:  >  >>