عامة. وفي حياة المعنيين بالإذعان والمقاومة على وجه خاص. ومن ثم فقد ظفرت حياة الأدب بشيء من التطور والانتقام ووسعت أغراضا جديدة، وأحيت مثليات قديمة. وأصبحت في صبا غض تتفتح فيه المتدارك وتتهيأ لما عسى أن يتكشف عنه عهد الشباب من دوافع البعث والإيقاظ. وإذن فقد صار لها امتداد مكفول يأتيها من نفسهتا حينا، ومما حولها حينا آخر. ونحن حين ننظر إلى عهود الخلفاء الراشدين بحسبانها امتداداً لعهد النبوة. كذلك نرى الأدب في ظلها امتدادا لذلك العهد أيضا. ولا نكاد ندع هذه العهود إلى عصر بني أمية حتى يدخل الأدب مرحلة الشباب من حياته. وهنا يقوى حقا قوة لم نر ما يقرب منها في سائر المراحل والعهود. وإن لم يسع من الأغراض ما وسعه في العصر العباسي بعهديه أوله وثانيه. فالسلائق كعهدها من قبل غنائية لم تتعقد بضروب الثقافات، ولم تصبح رواسب عقلية كما سنرى فيما بعد. ولكنها تصدر عن تلك النفس العربية السمحة الكريمة، نازعة إلى مثل عليا هي جماع الخلال الرفيعة للعربي في الحب والأدب والسياسة والاجتماع.
أما اللغة فقد نالها غير قليل نمن التطور والصقل والمرونة. ذلك لأن العربي في عهود اللغة الأولى كان يحس في اللفظة الواحدة شحنة عاطفية وجدانية. وكانت صوتية اللغة تصور له المدلولات تصويراً ليس إلى مثله من سبيل في زمننا هذا إلا بالجمل الفضفاضة والعبارات، فلو أن عربيا رأى حية ولم يكن عرف اسمها من قبل، ثم ذكرت له لفظة الأفعوان وهو جاهل بها أيضا لو ثبت إلى ذهنه صورة الحية التي كان قد رآها منق بل فيما رأى. فإن في لفظ الأفعوان وهو يتلوى ويمتد في النطق لدليل على ما يمتاز به من خصائص ومميزات. ولو ذهبنا نفترض أن قبيلة من قبائل العرب كانت تدعو حنشاً، وأخرى كانت تدعوه (الأرقم). ثم عرض لفظ الحنش للأخرى فلا تلبث أن تدرك على نحو ما يراد بهذا اللفظ من مدلول. ذلك لأنه مصور لخصائص عديدة فيه. فاللفظ في جملته مصور له وهو ممدود على النحو المعروف. أما الحاء فهي منه بمثابة الرأس. وأما النون تفيدنا دقة جسمه بحركتها المفتوحة وهي خارجة في النطق مع أخويها الحاس والشين هوائية هكذا. وكذلك الشين فهي ربما أعطتنا مغازلة الشمس لجلده وهو يتألق ومضا ولمعانا