هكذا كانت رحلتنا في الطائرة. . لم يتسع الوقت لأن نجرع من الكأس ولو جرعة. . إنك تعرفني يا صديقي. . أنا لا أطيق صبرا على شيء تداعبه نسمة من الشك. . وتعرف أن لذة الانتصار يدفعها جنون الغرام تحملني على أن أركب متن الشطط حتى أنتهي. . .
ولقد دعاني المؤتمر إليه في الشتاء القادم - وستبقى هنرييت - هنرييت المسكينة. . ستبقى هنا يا صدقي، وستبقى بجانبها أنت لتقوم بدورك فقلت:
- بينك وبين زوجتك!. . ومن أين لي ذلك.!
فقاطعني قائلا:
- رويدا يا عزيزي. . هون عليك فالأمر سهل يسير ولن أذهب بك إلى شيء غير ما يصلح من شأن هنرييت، لقد أخذ يتسرب إليها الشك في تلك الرحلة حتى صممت على مصاحبتي. . . وإن ذلك لأمر قريب المحال. . كل ما أريد أن أستمده منك من معونة لا يكلفك إلا أن تفوه ببضع كلمات، وستحدثك هنرييت في هذا الموضوع وتصارحك بكل شيء. . .
فسر لها يا صديقي حاجة الكاتب إلى الظهور في مثل هذا البلد الغريب الذي سأرحل إليه حتى تسوغ سفري. ثم قل لها إن الوقت سيكون قسمة بين ولائم تورث النفس السأم، ومقابلات رسمية تبعث فيها الضجر والملل، ولا يفوتنك ذكر تكاليف الرحلة، فكيف بها إذا صاحبتني وأنا أحرص على راحتها، وأخيرا حل بينها وبين مرافقتي، وخفف من غلوائها فهي لابد لنصحك مستمعة، ولرأيك خاضعة، ولسؤالك مجيبة، ولا تنس - لا تنس أن تقرب إلى ذهنها أني لا أزال باقيا على حبها، وأني سأسهر على سعادتها ما حييت، وفي الغد ستسنح الفرص لأشهر طوال أعيد إليها خلالها ذكرى أيامنا الماضية الجميلة
لقد دام حديثه قرابة ساعة، بينما كان صوت أصابعي وهي تنقر على المائدة التي جلسنا حولها في غير انتظام يتجاوب صداه في أنحاء الغرفة، وأخيرا تركني من غير أن يطمئن إلى وعدي، وبعد الظهيرة بقليل لم أشعر إلا ويدي تحمل آلة المسرة ولقد كانت مصادفة غريبة عندما سمعت صوت هنرييت تناديني
- برتراند!. . . كيف حالك يا عزيزي الصغير؟. . . أظن أن في وقتك بقية اليوم متسعا للقائي، فهل تسمح بزيارتي!. . سأعد لك فنجانا من الشاي، وربما يكون هناك مشورة بيني