لقد كانت ممسكة بكتاب (باخ) تحركه في يدها في طفولة بريئة، لم تكن هنرييت تقل عن الأربعين، ولم تكن تزيد عليها، ولكنها ظهرت لي في هذه الليلة في ثوب فضفاض، وقد شاعت على قسماتها أشعة من نور الشفق الأحمر الحائل كامرأة في الثلاثين
قالت لي في غير تكلف:
- يا صغيري برتراند! - سأكلفك أمرا تؤديه إلي - واعلم أني سأكون لك مطيعة. . . ولأمرك سميعة. . .
- إنك تعلمين علم اليقين يا هنرييت. . .
فقاطعتني قائلة:
- هيه يا عزيزي برتراند! ليس في الوجود رجل أوليه ثقتي غيرك، ولكن الأمر خطير. . . عزيزي برتراند. . . إني. . . أحب. . . شابا يصغرني بكثير. . . إني أعم أنك ستمقت هذا الشاب وستحقد عليه وسيتملكك السخط علي إذا قلت لك أن بينك وبينه تباينا كبيرا. . . هو شاب سلافي جميل طالب بكلية باريس، وهو فوق ذلك راقص ماهر ومثقف إلى حد كبير، وبرغم ذلك لا أرتاح إليه كثيرا، إذ هو مجنون، دنيء الأصل كما يتبين لي. . ولكني على الحالين أحبه. . وأنا سعيدة به
فقلت:
- أوه. . . وروبير. .!!
- روبير لا يعرف شيئا عن هذا الحادث. . . روبير يرعاني كمن يرعى امرأة مسكينة، أو كمن يشفق على خادمة بائسة عضها الدهر. . . لقد صرت بغيضة إليه وهو بعد في شغل عني بفتاة دانيمركية
- كيف؟ أتعلمين هذا الخبر؟
- هوه!. . . منذ أمد بعيد، وكيف عرفت أنت ذلك؟!
- لقد كان روبير عندي اليوم صباحا
- أحدثك عن هذا الموضوع. . . يا له من نذل جبان!. . . إن صراحتي تجيز لي التماس ضراعتك. . استمع لي يا برتراند. . سيسافر روبير، وسيقضي في رحلته خمسة عشر