وفي خلال سنة ١٩٢١ دعي لحضور مؤتمر (نزع السلاح) في واشنطن وكان السفر إلى تلك المدينة يستدعي بين ليلة في غربة النوم بالقطار - وقد سافر ولكنه لم ينم الليلة وانحصر تفكيره في (نزع السلاح) وفي الأسباب التي دعت إليه. ووصل التفكير إلى أن السلاح الذي لا ينزع والذي لا خطر على الخير في استعماله وفيه على الشر الخطر الأكبر هو سلاح الخلق
في هذه اللحظة كان مولد فكرة التسلح الخلقي وقد كان من بين ما فكر فيه أن الحرب الكبرى (١٩١٤ - ١٩١٨) التي أدت إلى مؤتمر نزع السلاح لم تحدث (تغييرا) في العالم ولم تفرق بين ما قبلها وما بعدها؛ وفكر بمثل المعنى الكريم الذي تضمنته الآية
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) - فجعل وسيلته لنشر مبادئ التسلح الخلقي في الدعوة إلى التقوى وفسرها بأنها الإصغاء لصوت الله وطلب الوقاية منه دون غيره، وقال في نفسه إن الله لن يحدث تغييرا في الناس حتى يحدث التغيير لما في أنفسهم، فقرر أن يستقيل من عمله وأن يتفرغ لدعوته؛ فالدعوة وفقا لنشأتها كانت رد فعل لويلات عالمية، واستجابة لدعوة بنزع السلاح تجنبا لتكرار المأساة الدامية، وصراعا مع العوامل التي كانت تهب لتصل إلى الحرب العالمية الثانية
وقد حدثت تلك الحرب وكان من بين آثارها تعليم الناس أن ميدان القتال ليس هو وحده مجال الحروب، فالحرب في المجال الاقتصادي وفي ميادين العمل وفي الأسرة وفي كل مكان سببها التكالب على المادة ولا سبيل إلى وضع حد لها إلا التمسك بالخلق بمحاربة الأنانية
وكما نشأت الحركة في أعقاب حرب فقد زاد نشاطها وكثر عدد المؤمنين بها بعد الحرب الثانية وكان هذا رد فعل لها وصراعا للعوامل التي لا تزال تدب لتصل بالدنيا إلى حرب عالمية ثالثة
وكلما خطت هذه الحركة خطوة في سبيل توحيد الناس بالتمسك بما لا خلاف عليه بين أديانهم ومصالحهم وعرفهم - خطت هذه الحركة خطوة في هذا السبيل تبين أنها تتأثر الإسلام وتصاحبه قاصدة إلى أهدافه
وليست هذه الحركة ذات عصبية فهي ليست بالهيئة التي تدعو إلى الانضمام إليها ولكنها