للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرسالة أصداؤها ببضع عشرة مقالة فيما أذكر عن حياة الأدب في هاتيك البلدان، وكانت مناقشة مرة بيني وبين الأستاذ محسن البرازي، الذي صار رئيس الوزراء حسني الزعيم، ثم قضى رحمه الله. فجاءني التأييد من - جاوا - وهذه جريدة - برس - بشيراز تنشر الآن كتابي الجديد (كلمات) مترجما إلى الفارسية، بقلم الأديب الفارسي الأستاذ أحمد آرام؛ مع تعليقات في المدح والتأييد شعراً ونثراً، يمن بها على القراء، وهي على وشك الترجمة إلى الأردية ولولا الرسالة ما كان هذا كله.

ولكن ما جدوى هذا كله؟ ما الشهرة؟ ما الجاه؟

إن لأكتب هذه الكلمة وأنا في دار في مضايا منفردة في الجبل، وأنا مريض وحيد منعزل، فهل أذهبت الشهرة عني المرض، أو دفع الجاه عني الملل؟ وكذلك أنا في دمشق، أنا منذ سنين أعيش في حلقة مفرغة لا تكاد تتجاوز الدار والمحكمة والسينما، حتى يوم الجمعة، وحتى يوم العطلة أذهب إلى المحكمة كالحمار (ولا مؤاخذة. . .) الذي يدور بالسانية، إن أطلقت عنقه من الحبل عاد يدور، لأنه مربوط من قيد العادة بحبل لا تراه العيون.

فماذا ينفعني في عزلتي وسأمي أن يمدحني في بلاد الله من ألف، وماذا يضرن أن يذموني أو ألا يكونوا قد سمعوا باسمي وماذا يفيدني وأنا أعيش في دمشق عيش الغريب، أن يكون (وهذا هو الواقع - ولا فخر) بين كل عشرة يمرون في أي شارع فيها، خمسة على الأقل يعرفون أسمي، ويحفظون طرفا من مناقبي، أو أطرافا من مثالبي.

ولقد اشتغلت الجرائد منذ سنة أسبوعا كاملا بشتمي وسبي في صفحاتها الأولى من أجل تلك الخطبة المشهورة، وفعلت مثل ذلك أيام الانتخاب سنة ١٩٤٧، ونسبت إلى نقائص تشبه إبليس، فهل يصدق القراء أني لم أبال بها، حتى أني لم أقل أكثرها. أقسم بالله أن هذا الذي كان؟ ولقد نشرت الجرائد مرات أخرى أطيب الثناء عليّ، وألصقت بي مناقب تزين الملائكة فما باليت بها أيضا، لأن كل طرفي قصد الأمور ذميم والثناء إن زاد كالهجاء إن زاد، كلاهما أقرب إلى الكذب وما أن ملك ولا أنا شيطان، ولي حسنات ولي سيئات، وأنا أعرف بنفسي من سائر الناس. . .

إني لأسأل مرة ثانية: ما الشهرة؟

إن الشهرة وهم ليس له في سوق الحقيقة قيمة، وليس له في ميزان الواقع وزن، حتى أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>