للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الكولونيل أ. هـ. باكستر

سيدي الكولونيل

أرجو المعذرة يا سيدي إذا وجدتم أن هذا الكتاب لا يمت إلى أعمال الجيش بصلة. وسوف أكون - حينما يصلكم هذا - إما في جنة الخلد أو في عذاب السعير. هناك حيث ينال المرء جزاءه من جنس عمله. وقد فضلت هذه النهاية وآثرتها لأني عجزت عجزاً بيناً عن إعادة ما امتدت إليه يداي الآثمتان من أموال الفرقة التي وكلت بحفظها. ووسد إلى أمر حراستها والعناية بها. ولا عجب إذا وصلك كتابي هذا قبل اكتشاف الحادث، فذلك ما علمت على أن يكون.

وكان الأمل يشيع في نفسي حتى الآن، لظني أني لابد واجد طريق الخلاص الذي ينئيني عن ذلك المأزق الضيق الخانق. وكان مما يغمر نفسي بالأمل ويفيض عليها بالرجاء، أن يوم اكتشاف الحادث ليس منا بقريب، بل دونه أيام عديدة، وليال كثيرة، تمكنني من إخفاء الأمر وتسديد العجز وإكمال النقص.

غير أن الأيام قد مرت، ولليالي قد تصرمت، وأصبح اليوم المروع الرهيب قاب قوسين أو أدنى؛ فلا يمر الليل حتى يفيض نوره، ولا تمضي ساعات إلا ويبزغ فجره وتترجل شمسه. كل ذلك وأنا كما كنت. . . عاجز عن إخفاء الحادث، أو إكمال النقص الذي أحدثته يداي الملوثتان. . فليس أمامي في هذه الحال غير السجن والعار. . سوى الخراب والدمار. . وليس ذلك مما أسيغه أو أرضاه.

أما عن المبلغ المختلس فقد بلغت قيمته حتى الآن ستمائة جنيه أو تزيد. فهل يدور بخلدك يا سيدي أنه في وسعي إعادته إلى مكانه من الخزانة دون أن يدري أحد؟ قد يكون ذلك ممكنا من وجهة نظرك، ولكن المعجزات لا تحدث في عصرنا هذا يا سيدي الكولونيل، إنما الأخطاء فحسب هي التي يشيع حدوثها، أو إحداثها إن شئت.

وقد تقول: إنه كان في وسعك أن تقترض المبلغ؛ غير أني سوف لا أكون معك إبان اكتشاف الحادث، بل أن روحي هي الأخرى ستأبى أن تحضرك، لأني لا أرضى أن تزعجك. ولا أود أن تهيجك.

وإني على يقن أن رحيلي إلى العالم الآخر هو خير سبيل تطرق، وأفضل طريق تسلك؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>