للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

متى يكبس ولا يدرون متى تعمل فيه معاول الهدم، وإن سلموا من كل هذا فلا يدرون متى يخر عليهم السقف من فوقهم فإنه قائم على غير أساس متين وعلى غير دعائم قوية.

ألا إن عهد ألف ليلة وليلة قد مضى فلا يخدعن أقوام أنفسهم ولا يربطوا نفوسهم بعجلة قد تكسرت وتحطمت. إن الفردية مصباح - إن جاز هذا التعبير - قد نفد زيته واحترقت فتيلته فهو إلى انطفاء عاجل ولو لم تهب عاصفة.

إنه لا محل في الإسلام لأي نوع من أنواع الأثرة. إنه لا محل فيه للأثرة الفردية أو العائلية التي نراها في بعض الأمم الشرقية والأقطار الإسلامية، ولا محل فيه للأثرة المنظمة التي نراها في أوربا وأمريكا وفي روسيا، فهي في أوربا أثره حزب من الأحزاب وفي أمريكا أثره الرأسماليين وفي روسيا أثره قلة آمنت بالشيوعية المتطرفة وفرضت نفسها على الكثرة وهي تعامل العمال والمعتقلين بقسوة نادرة ووحشية ربما لا يوجد لها نظير في تاريخ السخرة الظالمة.

أن الأثرة بجميع أنواعها ستنتهي؛ وإن الإنسانية ستثور عليها وتنتقم منها انتقاما شديدا. إنه لا مستقبل في العالم إلا للإسلام السمح العادل الوسط، وإن طال أجل هذه (الأثرات) وأرخى لها العنان وتمادت في غيها وطغيانها مدة من الزمن.

إن الأثرة - فردية كانت أو عائلية أو حزبية أو طبقية - غير طبيعية في حياة الأمة، وإنها تتخلص منها في أول فرصة. إنه لا محل لها في الإسلام ولا محل لها في مجتمع واع بلغ سن الرشد ولا أمل في استمرارها، فخير للمسلمين وخير للعرب وخير لقادتهم وولادة أمورهم أن يخلصوا أنفسهم منها ويقطعوا صلتهم بها قبل أن تغرق فيغرقوا معها.

ألا إن الفردية آذنت في الشرق أيضاً بالرحيل وبدأت نجومها تهوى، وما هي مسألة زيد وعمرو وإنما هي مسألة عهد ينقضي وفكرة تختفي ومؤسسة تلغى، فليحذر الذين يعيشون عليها أن يواجهوا مصيرا واحدا

أبو الحسن علي الحسني الندوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>