للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولهذا الديوان قصة، وها هو ذا الشاعر ذاته يقصها علينا.

(كان ذلك في كلى الآداب حين أحسسن لأول مرة بظمأ الروح للروح، وكانت ذات الصليب تبعث في نفسي ذلك الإحساس الجارف فأصوره لها. . ثلاث سنوات. . ناراً من الحب في روض من الشعر. .)

وقد أنزلت الدموع من أعماقه، وفجرت في آفاقه الظلمة والضياء. . وسحقت أمامه كل أمل لتهيب له أملا خليا لم يكن سوى اليأس، اليأس القاتل الذي يسحق كل شي:

يا خضما جهم الجوانب يجري ... في مدى مبهم وافق قصي

أي لغز مطلسم في دياجيك. . وسر في لغزك المطوي؟!

كلما لاح لي شراع على الأفق تهادى مثل الشعاع السني

هاج في ناظري تطفل تفسي ... فتلفت سائلا كالصبي

ما ترى ذلك الذي يقحم الغيب ويمضي إلى مداه الخفي!

وركبت العباب يدفعني منه قوى يردني لقوي

لاحقا بالشراع أستنفذ الهمة في لجة الخضم العصي

وهو ينأي. . وأن يكن حيثما كان. . كوهم في لمحة العبقري

وكان في منتصف كل ليلة ينهض بقوة من بين الكتب والدروس تجتاحه مشاعر عارمة ذات غموض. . فيرتعد وهو يحس بالربد والجوع. . لا يدري ماذا يعمل. وحشة وسكون. . فيمرق من الباب كالشبح عليه وثار من الصوف. . النيل على مقربة عشرين خطوة. . الطريق مقفر إلا من رجال الشرطة. والعسس قابعون تحت الشجر أو سائرين تحت الظلام. . صمت أمامه. . وضجيج في أغواره. . يقطع الجسر الطويل. . إلى أين؟. إلى ما وراء ذلك الجسر. هناك حيث يسند ظهره على عمود الكهرباء وأمامه ي لله. . مسكنها الغارق في الظلام والشجر.

الوقت. سحر. . الفجر قريب.

وتقطع السكون عجلات أول ترام في الفجر فيعود: -

خفقات الزهر في الأسحار للفجر القريب

وانبثاق الأمل المشرق في ليل الغريب

<<  <  ج:
ص:  >  >>