للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هجوماً ظالما، ويرى في نظمها العريقة تقهقرا لا يليق بمجتمع متحضر مستنير، وسأنقل هنا بعض ما كتبه الأستاذ بالعدد (٧٠٦) من مجلة الثقافة الغراء دون أن اشوه حديثه بالتلخيص الموجز ليقف القراء على رأيه من أقرب طريق.

يقول الأستاذ:

(والحقيقة أن هذا الاتجاه (نحو الشريعة الإسلامية) خاطئ من أساسه ولا محل على الإطلاق أن يتخذ الدين أساسا لمثل هذا الموضوع، سواء لتوكيد التحريم والإباحة، وإذا كانت مصر دولة إسلامية فليس معنى هذا أنها دولة دينية، أو بعبارة أخرى أنها دولة تطبق أحكام الدين في سائر نواحي الحياة العامة؛ فالنظم الأساسية والقوانين المدنية والجنائية المصرية كلها نظم وقوانين تطبعها الصفة اللادينية).

إلى أن يقول: (فإذا ما تقرر ذلك وهو أن لنظم والقوانين المصرية هي نظم مدنية لا دينية، لأنها هي النظم والقوانين التي توافق روح العصر ومقتضيات الحياة الاجتماعية، فلا محل لأن نجعل الدين حكما في مسائل لا علاقة لها بالدين، ولا تمس العقيدة الدينية ذاتها، ولا محل إذن لنرجع بمطالب المرأة السياسية الاجتماعية إلى أحكام الدين ما دامت هذه مطالب لا شأن بها بالعقيدة).

ثم يقول في النهاية: (فمحاولة النيل من هذه النهضة المباركة (نهضة المطالبة بحقوق المرأة) والرجوع بها إلى الوراء باسم الدين أمر لا يقبله عقل مستنير أو منطق سليم).

ونحن حين ننقل هذا الكلام الجريء لا نرغب أن نعقب عليه بنقد يكشف خطأه للناس، فالناقد المخلص يشرع قلمه حين يخشى استجابة المجتمع لرأي خطير يلتبس فيه الحق بالباطل، ولكن الوعي السائد ينكر بداهة، أن يوجد فرق بين الحكومة الإسلامية، والحكومة الدينية، كما يعتقد الأستاذ، فكل حكومة لا تلتزم شريعة الإسلام فليست إسلامية ولا دينية معاً، ومن الخطأ الواضح أن يعتقد مسلم أن الدين شيء والإسلام شيء آخر، فإذا وجد من يجرؤ على هذا القول في مجتمع رفع الغشاوة عن عينه، فلن يجد من يستمع إليه، ولا حاجة لمن يتعقب كلامه بنقد صريح، إنما لحاجة ماسة إلى من يوقف الكاتب وأمثاله على مدى النشاط الديني الذي أخذ يسيطر على الحياة المصرية سيطرة مباركة ليزن كل كاتب كلامه عن الإسلام بميزان دقيق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>