في مصر! أفينقصهم العقل المستنير الذي يتشبث به الأستاذ عنان، أم أنهم يشاركونه الفقه والتعمق والإنتاج!
لقد كان على الأستاذ الفاضل - وهو كاتب لامع ينشر مقالاته في الصحف اليومية - أن يلحظ ما طرأ عليها من اتجاه ملحوظ نحو الدين، فقد أفردت صفحاتها الواسعة المناقشة المسائل الدينية نقاشاً مسهباً، وتسابقت كل جريدة في تصيد الأبحاث الإسلامية بحثا وراء بحث، ومن أصحاب هذه الصحف من لا يرحبون بتعاليم الإسلام، ولكنهم يملقون الوعي الديني في الأمة، ويودون التحبب إلى القارئ بشتى الوسائل، وفي الكتابة الإسلامية ما يغذي العقول ويشبع الرغبات.
لماذا أصدرت أخبار اليوم كتابا عن محمد، ولماذا أصدرت دار الهلال كتابا يفسر آيات القرآن؟ أكان المهيمنون على الصحيفتين من عشاق الفكرة الإسلامية في يوم من الأيام؟ أم أن الوعي الديني قد أجبرهم على الإذعان لمشيئته، فألقوا إليه السلم طائعين، والتاجر الناجح هو الذي يقدم الثمرة المشتهاة، لتدفق عليه الثراء وتتضخم لديه الأرباح!
هذه هي المحاضرات اليومية المتنوعة، بعلن عنها في الصحف مساء فلماذا يختار الشباب منها ما يمت إلى الإسلام بأقرب الصلات؟ وهذه هي المجلات الإسلامية تتزايد يوماً بعد يوم فلماذا يتكالب عليها القراء رغم ما يحمله غيرها من مغريات اليانصيب والسباق، ورغم ما تتعلق بع الغرائز من صور وأقاصيص!
أليس من المضحك أن يعيش كتابنا الأفاضل في عزلة تامة عن مجتمعهم المتوثب، فهم لا يحسون بما يسوده من تطور وانتقال! فإذا كتبوا إليه أخذوا يرددون ما تعافه الأسماع!
لقد ازدحمت المكتبة العربية بسيل جارف من الكتب الإسلامية التي تناقش الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية على ضوء القرآن؛ فلماذا التهمها القراء في نهم واشتياق، فتعددت طبعات الكتاب الواحد عدة مرات؟ ولماذا خرس دعاة الإثم من الكتاب فلم نعد نسمع بمن يكتبون عن (كبرياء الحب)(ومأساة قلب)(والموجة العذراء)!
إن المستقبل للإسلام دون نزاع، فمن شاء أن يلحق بالركب المجاهد فليحمل قلمه في سبيل العزة والحرية والإيمان، فعما قريب تبدد الغيوم، ويشرق النور المتألق، (يومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).