لقد نسينا ما فدحنا به إسماعيل من ديون، وما نكبنا به توفيق من ويلات الاستعمار، واستقبلنا منذ ستة عشر عاما الطاغية الطريد كما يستقبل الميامين الأبطال، وأملنا فيه خيرا وأحببناه حبا دنا من العبادة وحففناه بقلوبنا، ولكن تركيته غلبت عليه، فسامنا الخسف كأسلاف له من قبل، وبغى واستكبر وما درى أن الله أكبر وأن على الباغي تدور الدوائر.
إن يوم ٢٦ يوليه اجل أعيادنا خطرا وأعمقها أثرا، فيه ولدت مصر الجديدة، وفيه رفع الجيش رأس مصر المجيدة، وفيه صح الوعي من مصر الرشيدة. وفيه دمدم قائدنا نجيب أكبر حصون البغي ليبني على أنقاضه دولتنا من جديد.
إن أرواح الأبرار من أسلافنا تطوف بنا مرفرفة، ففي أرضنا فرحة وفي سمائنا تبريك.
إننا سنجعل من يوم ٢٦ يوليه سنة ١٩٥٢ طلائع موكب الحياة والنور، سنجعل من هبتنا فيه بداية يقظة موصولة تصحح على هديها اوضاعنا، وتستقيم على ضوئها أمورنا، فلا نضل بعد اليوم وقد وضحت معالم الطريق.
إننا سنجعل من ذكرى ٢٦ يوليه سنة ١٩٥٢ درساً بليغاً في العزة القومية نلقنه صغارنا حتى نجنبهم التجربة القاسية التي مررنا بها فما سلمنا منها إلا بمعجزة نجيبة.
سنلقنهم أنه في يوم ٢٦ يوليه أمر المصريون الفلاحون السادة الأتراك أن ينزلوا عن عرش لا يستحقونه فأذعنوا صاغرين. ثم أمروهم أن يغادروا مصر فورا لا تشيعهم السلامة به قذفت بكبيرهم إلى البحر لعنات شعب ممرور. وأمر قائدنا نجيب ربان الباخرة أن يطرحه على شاطئ بعيد ثم يعود إلى مصر فوراً بباخرتنا (المحروسة).
سنجعل من ذكرى ٢٦ يوليه سنة ١٩٥٢ نشيدا قوميا يحفظه عنا أبناؤنا ليعرفوا حقهم فلا يفرطو فيه، ويعتزوا بوطنهم فلا ييأسوا منه مهما ران عليه الظلام والكمد، فها هو النور انبثق دفعة واحدة، وعلى غير انتظار من جوف ليل يهيم عابس حسب معه الكثيرون أن الصبح ضل طريقه، فإذا به غامر الضياء مائس النور.