مصر، وكتب عنه قاضيا لقضاة السودان، وصوره تصويرا بارعا، وتعمق نفسه، وقارن بينه وبين محمد عبده، وذكر وطنيته، وإصلاحه في المجتمع والأزهر، وتجديده ونزعته المتحررة، كتب عن كل هذا في أسلوب مشرق يفيض بالحماس الحار، والإخلاص لحياة الإمام المراغي. . .
وأنا لا أستطيع أن ألخص كتاب الزميل بهذه العبارات القلائل، فليس الكتاب قصة ألخصها، وإنما هو دراسة نفسية لحياة الإمام تنبسط أحيانا، ثم تنقبض أحيانا أخرى، وتمر على بعض الأدوار مرورا سريعا مكتفية باللقطات المعبرة، واللمسات الجياشة، وتمعن في التعمق واستكناه الأسرار في بعض الأدوار، ثم تمضي هذه الدراسة شيئا فشيئاكما تمضي الحياة نفسها حتى يبلغ الكتاب أجله، وتخمد الجذوة، ويسدل الستار على حياة الإمام، وهنا ينتهي الكتاب، ولكنه يترك في النفس خطوطا قوية، ودبيباً عارما، وهمساً فياضا. يدفع المرء إلى التأمل. . والكتاب الذي يدفعك إلى التفكير بعد قراءته هو كتاب قد أدى رسالته.
لذلك أهنئ الصديق أنور الجندي بهذا المجهود الطيب. . جزاه الله عن العروبة والإسلام خير الجزاء.