لسياستها الأوربية، فتشترط لتفاهمهما مع فرنسا ن تحصل على حقوق ويا استعمارية في جنوب تونس، وفي منطقة تشاد، وتدعو إلى تعديل معاهدة الصلح (معاهدة فرساي)، وتحاول أن تثير مسألة الانتدابات الاستعمارية التي استأثرت بها فرنسا وإنجلترا وحرمت هي منها فلم تظفر بشيء من أسلاب ألمانيا أو الدولة العثمانية؛ هذا إلى اهتمامها بتقوية نفوذها في كثير من الأمم الشرقية، ومضاعفة جهودها في نشر تجارتها ونفوذها الاقتصادي
ومن الطبيعي أن تخص إيطاليا المنطقة الحبشية بمعظم جهودها واهتمامها، فهي تملك في تلك المنطقة مستعمرتين كبيرتين هما بلاد الأريترية التي تحد الحبشة من الشمال الشرقي وتحجب عنها ساحل البحر الأحمر، وبلاد السومال الإيطالي، وهي تحد الحبشة من الجنوب الشرقي، وتحجب عنها ساحل المحيط الهندي. بيد أن هذا الاهتمام ليس حادثاً وطارئاً؛ فقد بدأت إيطاليا عصرها الاستعماري في تلك المنطقة، وامتلكت بها أول مستعمرة إيطالية. وكان ذلك سنة ١٨٨٥، وقت أن كانت الدول الكبرى تنظم اقتسام أفريقية إلى أملاك ومستعمرات، فاستطاعت إيطاليا أن تضع يدها على ثغر مصوع وأن تحتل بلاد الإريترية؛ وكانت السياسة الإيطالية تتطلع يومئذ إلى التوسع في تلك المنطقة، وإلى إنشاء إمبراطورية استعمارية إيطالية في شرق أفريقية؛ ولم يكن يحقق ذلك الحلم سوى الاستيلاء على بلاد الحبش؛ فاتخذت من الإريترية قاعدة لتحقيق هذه السياسة، وكانت الحبشة تجوز يومئذ ظروفاً سيئة من تعاقب الثورات والخلافات الداخلية، وكان الغزو الأوربي قد استطاع أن يفذ إليها قبل ذلك بأعوام قلائل؛ ففي سنة ١٨٦٨، نفذت حملة إنكليزية بقيادة نابيير إلى بلاد الحبشة لتعمل على إنقاذ بعض المبعوثين والرعايا الإنجليز الذين اعتقلتهم حكومة الحبشة وأبت إطلاق سراحهم، وكان المتغلب على الحبشة يومئذ زعيم يدعي كاساي، الذي تلقب باسم الملك (النجاشي) تيودور، فهزم واضطر إلى التسليم، وانتحر على أثر ذلك، وانسحب الإنكليز بعد أن أملوا شروطهم وحققوا غايتهم. وقام على عرش الحبشة النجاشي يوحنا الثاني، وفي عهده تقربت إيطاليا من الحبشة وعقدت معها صلات ودية وثيقة سرعان ما تحولت إلى نوع من الوصاية. واستمرت إيطاليا تعمل على تقوية نفوذها وسلطانها في الحبشة حتى توفي يوحنا الثاني سنة ١٨٨٩ وخلفه منليك أمير شووا؛ وكان النير الإيطالي قد اشتدت وطأته يومئذ، وضعفت الحبشة واضطربت شئونها إلى حد