استطاعت معه أن تفرض إيطاليا عليها معاهدة تقضي بوضعها تحت الحماية الإيطالية، وهي المعروفة بمعاهدة (أوشالي)(سنة ١٨٨٩) وعندئذ تغلغل النفوذ الإيطالي في الحبشة، وسيطرت إيطاليا على شئونها ومصايرها، وأخذت تطمح إلى امتلاكها وضمها. ولكن شاء القدر أن يكون منليك، ذلك الأمير الذي ضاعت في عهده الحريات الحبشية هو نفس الأمير الذي يقوم بتحريرها من النير الأجنبي. ففي سنة ١٨٩٥، اضطرمت الحبشة بثورة عظيمة ضد النفوذ الأجنبي بزعامة منليك، ونشبت الحرب بين الإيطاليين والأحباش، وهزم الإيطاليون هزيمة ساحقة في (عدوه) من أعمال ولاية تجري في قاصية شمال الحبشة، وذلك في أول مارس سنة ١٨٩٦، وأرغمت إيطاليا على أن تعقد مع الحبشة معاهدة جديدة تعترف فيها باستقلالها (معاهدة تأديس أبابا)، وبذلك استردت الحبشة حرياتها التي لم يطل أمد ضياعها، وانهارت آمال الاستعمار الإيطالي؛ واستمر منليك الثاني، أو منليك الأكبر محرر الحبشة يسهر على ما يرها بقوة وعزم، ويسير بها في سبيل المدينة والإصلاح والتقدم حتى توفي سنة ١٩١٣. وفي عهده نظمت الحبشة علائقها مع الدول الأوربية، وعقدت معاهدة صداقة مع بريطانيا العظمى، واستطاعت أن ترغم الدول الاستعمارية على احترامها وعلى الحد من أطماعها
وفي سنة ١٩٠٦ عقد بين إيطاليا وبريطانيا وفرنسا تحالف ثلاثي يقضي بالعمل المشترك لحماية أراضيها ومصالحها في تلك المنطقة، وهو تحالف تجدد في سنة ١٩٢٥، ولما توفي منليك الثاني في سنة ١٩١٣، خلفه حفيده ابن ابنته (ليجي ياسو)، وقد كان أبوه الراس مخائيل مسلماً فتنصر تحقيقاً لأطماعه وتزوج من ابنة منليك. ثم نشبت الحرب الكبرى، واضطرمت الدسائس حول ليجي ياسو؛ واتهم بممالأة المسلمين الذين ينتمي إليهم بأصله ودمه، ثم اتهم بالارتداد عن النصرانية؛ ولكن الواقع أن ليجي ياسو كان يرى أن مصلحة الحبشة أثناء الحرب تقضي باتجاهها نحو التحالف الجرماني التركي وابتعادها عن دول الحلفاء؛ فخشي الحلفاء ولاسيما إنكلترا عاقبة هذا الاتجاه، وأخذت تعمل لإثارة الشعب الحبشي ضد أميره، وألفت في بطريرك الحبشة القبطي خير أداة لحياكة هذه الدسائس، فاستعمل الدين وسيلة لإضرام الثورة وألفى الزعماء المستقلون فرصتهم، وهزم ليجي ياسو بعد وقائع وخطوب جمة؛ وأعلنت (زوديتو) ابنة منليك لاكبرى إمبراطورة للحبشة، (سنة