١٩١٦) وعين الراس تافري ماكنن وصياً للعرش وولياً؛ وكان هو الملك وهو الحاكم، ولم يكن للإمبراطورة من السلطة الحقيقية شيء؛ وبعد بضعة أعوام أعلن الراس تافري نفسه إمبراطوراً إلى جانب الإمبراطورة زوديتو؛ ولما توفيت الإمبراطورة سنة ١٩٣٠، استقل الراس تفري بعرش الحبشة باسم الإمبراطور (هيلي سلاسي)؛ وكان أعظم حادث سياسي في عهده انضمام الحبشة إلى عصبة الأمم. وفي عهده قطعت الحبشة مراحل عظيمة في سبيل التقدم والتجديد، وبذلت جهوداً كبيرة لتنظيم قواتها الدفاعية وتزويدها بوسائل التسليح الحديثة؛ ونظمت الحبشة علائقها السياسية والتجارية مع معظم الدول الأوربية، واستطاعت أن ترد عادية النفوذ الأجنبي عن استقلالها وحرياتها
ولكن السياسة الاستعمارية تعود اليوم فتتربص بالحبشة؛ وتعود إيطاليا فتتجه ببصرها وأطماعها إلى تلك المنطقة؛ وظاهر أن نشاط إيطاليا في الإرترية والسومال، وما تبدي هنالك من الاستعدادات الحربية، وأن زيارة ملك إيطاليا لهاتين المستعمرتين، وأن تحرش إيطاليا بالحبشة ومحاولتها أن تدفع حدود السومال إلى داخل الأراضي الحبشية مما أدى إلى حادث أولوال الدموي؛ ظاهر من ذلك كله أن إيطاليا مقبلة على تنفيذ خطة استعمارية جديدة في تلك المنطقة. ومما تجدر ملاحظته أولاً أن لفرنسا وإنجلترا مصالح هامة في تلك المنطقة، فإنكلترا تحتل السومال الإنكليزي، وتحتل فرنسا السومال الفرنسي وثغره جيبوتي الذي هو مخرج التجارة الحبشية من جهة البحر الأحمر، والذي يتصل بعاصمتها أديس أبابا بالسكة الحديدية. ولكن فرنسا وإنجلترا تلتزمان الصمت والجمود إزاء النشاط الإيطالي نحو الحبشة، ويبدو تحفظ إنكلترا وحيادها بنوع خاص في أمرها لمندوبها في السومال وهو الذي شهد معركة الحدود بين الأحباش والإيطاليين في أولوال ألا يتدخل في النزاع مطلقاً، وأن ينسحب إلى الداخل. ومن المعروف أن التحالف الذي عقد بين إيطاليا وفرنسا وإنكلترا في سنة ١٩٠٦ , وجدد في سنة ١٩٢٥ , ينص على اعتراف الدولتين بتفوق المصالح الإيطالية في الحبشة. ولكن ذلك لم يكن ليكفي لحيدة إنكلترا في معركة بين الاستعمار الإيطالي والحبشة، لو لم يتدخل في الموقف عامل خطير آخر، هو ظهور اليابان على المسرح. فاليابان تبذل منذ أعوام جهوداً جبارة لغزو الأسواق العالمية في الشرق والغرب، وقد استطاعت أن تنافس التجارة البريطانية في معظم الأسواق منافسة خطيرة، وأن تخلق