لبريطانيا مشكلة اقتصادية عظيمة تهددها اليوم في تجارتها الإمبراطورية بأخطر العواقب؛ وظهرت اليابان في شرق أفريقية كما ظهرت في غيره، واستطاعت أن تغزو سوق الحبشة بسرعة، وأن تكسب عطفها وثقتها، حتى قيل بأن الإمبراطور ينوي أن يعهد في تدريب جيشه إلى خبراء عسكريين يابانيين. ولما كانت بريطانيا العظمى تعمل لإحباط هذا الغزو الياباني الخطر بكل ما وسعت، فقد رأت أن تطلق يد إيطاليا في المنطقة الحبشية لكي تعمل على مقاومة النفوذ الياباني، ورأت إيطاليا من جانبها أن تعمل لتحقيق مشاريعها الاستعمارية. وأما سكون فرنسا فيحمل على أنها ترى إرضاء التوسع الإيطالي في تلك المنطقة، مما يصرف نظر السياسة الإيطالية عن محاولة التوسع في منطقة بحيرة تشاد في السودان الغربي، ومما يهدئ ثورتها وأطماعها نوعاً؛ هذا ومن جهة أخرى، فإن إيطاليا تتطلع بنوع خاص إلى منطقة بحيرة تسانا الحبشية وإلى الانتفاع بمواردها، وبحيرة تسانا التي تغذي النيل الأزرق، وتعتبر من أهم منابع نهر النيل، تقع في شمال الحبشة على مقربة من الأريترية المستعمرة الإيطالية؛ وقد حاول بعض رجال المال الأمريكيين أن يباعوا من الحبشة امتيازاً باستغلال هذه المنطقة وكادوا يظفرون ببغيتهم رغم مقامة الساسة البريطانية؛ ولكن الإمبراطور هيلي سلاسي راى أخيراً أن يحتفظ بهذا المورد للحبشة؛ وإنكلترا تؤثر أن تقع هذه المنطقة تحت النفوذ الإيطالي إذا لم تستطع هي أن تبسط نفوذها عليها؛ وإيطاليا ترتب على التوسع في هذه المنطقة مشاريع زراعية واقتصادية كبرى
هذه هي ظروف المعركة التي يلوح لنا أن الاستعمار الإيطالي يعتزم أن يشهرها على الحبشة؛ وكحومة أديس أبابا ليست غافلة عن الخطر الذي يهددها، فهي تشعر بما وراء السياسة الإيطالية من المشاريع والمطامع. والحبشة كما ذكرنا من أعضاء عصبة الأمم؛ وقد رأت على أثر الحوادث الأخيرة أن تطلب إلى الحكومة الإيطالية قبول التحكيم معها إلى هيئة دولية؛ ولكن رومة رفضت هذا الاقتراح، ورفعت الحبشة الأمر إلى عصبة الأمم بالتطبيق للمادة الحادية عشرة من ميثاق العصبة وهي التي تنص على حالة خط الحرب الذي يهدد أحد أعضاء العصبة،
وعلى وجوب اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لصون السلام. والظاهر أن حكومة رومة لا تحفل أيضاً بتدخل عصبة الأمم، وأنها ماضية في خطتها العدائية نحو الحبشة، لأنها تقدمت