للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ناصية العالم، ولم يكن هؤلاء الرجال يرمون إلى زيادة ثروتهم وممتلكاتهم، وإنما كانوا يشبعون غرائزهم ويبذلون أرواحهم في سبيل منافسة خصومهم والتغلب عليهم، أن الدنيا لو خلت من خصم لهم لتلمسوا المعاذير وخلقوا أسباب الخصومة خلقاً، جريا وراء النصر وحب التغلب!

وكيف يمكننا أن نتجاهل العاطفة الدينية وما كان لها من أثر في حروب دموية طويلة عند ظهور الإسلام وبين المسلمين والصليبيين. وكثيراً ما اتحدت الجماعات المختلفة بتأثير العامل الديني رغم ما كان بينها من فوارق اقتصادية وإنا لنجد العامل الكاثوليكي في أوربا يصوت لرأسمالي كاثوليكي ولا يصوت لاشتراكي ملحد رغم اتفاقه وإياه في آرائه الاقتصادية فطبقة العمال تنظر إلى رفع عماد الدين قبل أن تنظر إلى تحسين حالتها المعيشية.

الفلسفة وأثارها في التاريخ

وكثيراً ما كانت لآراء الفلاسفة نتائج عملية في توجيه السياسة. وليس أدل على ذلك مما كان لتعاليم روسو من أثر قوي في مجرى السياسة العالمية، مما أدى إلى قيام الثورة الفرنسية وما استتبعها من تطورات كما أدى إلى مناداة الولايات المتحدة بحريتها ومطالبتها باستقلالها.

علم النفس وضرورته لتفسير التاريخ

وأخيراً فأن التاريخ يحتاج كما تحتاج جميع مظاهر الحياة إلى معونة علم النفس لتفسيره وتحليل أسبابه وقد أظهرت المباحث الحديثة في هذا العلم أن الأعمال التي ترتكز على أساس من العقل والفكر ليست إلا قطرة حقيرة في خضم الأعمال التي تنبعث عن الشعور متأثرة بأسباب غير معقولة وكثيراً ما تغير وجه التاريخ لأسباب مجهولة نبعت عن دوافع لا شعورية عند بعض الزعماء وعظام الرجال، ولكن ماركس كان متأثراً بآراء علماء النفس في القرن الثامن عشر حينما كان يبحث عن أسباب معقولة يفسر بها حوادث التاريخ فهداه البحث إلى العامل الاقتصادي وعليه بنى نظريته في الاشتراكية زعماً منه أن المساواة الاقتصادية تدعو إلى إيقاف التطاحن والحرب بين البشر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>