للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشهد أن الناس قد أخذوا جميعا بحركة الجيش. لقد كان الملك السابق يعتمد على الجيش في إذلال الشعب وكان الشعب على أتم استعداد لمقاومة الطغيان لو ضمن حياة الجيش.

ونسى الطاغية أن الجيش من الشعب وللشعب وأن الولاء إذا قام حينا على أمل الإصلاح فلن يقوم دواما على الفساد.

وامتدت حركة الفساد إلى الجيش ونكل بالأحرار من رجاله وقتل بعضهم جهارا في شوارع العاصمة.

وكان ما لا بد أن يكون، قام الجيش في ٢٣ يوليو يضع حدا للظلم، وللطغيان، والفساد.

وكانت الحوادث أسرع مما تصروا الناس. وجاء يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٢ وجلست أستمع إلى المذياع وإذا به يذيع (انتظروا بيانا هاما في الساعة السادسة) وكرر المذيع ذلك النداء مرارا، وأشهد أن هذا التكرار قد أشاع القلق في نفسي ورحت أتساءل: ترى ماذا يكون هذا النبأ؟ وأخذت أحسب الثواني والدقائق حتى إذا كانت الساعة السادسة انطلق المذيع يتلو بيان اللواء أركان حرب محمد نجيب:

بني وطني

إتماما للعمل الذي قام به جيشكم الباسل في سبيل قضيتكم قمت في الساعة التاسعة من صباح اليوم بمقابلة حضرة صاحب المقام الرفيع على ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء وسلمته عريضة موجهة إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول تحمل مطلبين على لسان الشعب: الأول أن يتنازل جلالته عن العرش لسمو ولي عهده قبل ظهر اليوم. والثاني أن يغادر جلالته البلاد قبل الساعة السادسة مساء.

قد تفضل جلالته فوافق على المطلبين وتم التنفيذ في المواعيد المحددة دون حدوث ما يعكر الصفو. .

استمعت إلى البيان وكاد قلبي يقفز من بين ضلوعي ولم تصدق أذناي ما سمعت فانطلقت إلى الشارع أشارك الشعب سروره وابتهاجه ورحت أطوف بالشوارع والطرقات فوجدت الناس من فرط السرور لا يعرفون كيف يستقرون على حال.

لقد كان زوال الظلم والطاغية حلما ولكنه أصبح الآن حقيقة واقعة، وهكذا أدركت مصر عناية الرحمن وعاد لشعبها سلطانه وسيادته.

<<  <  ج:
ص:  >  >>