للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللوم والتقريع. ولا يعفي الخديوي ولا أوليائه من المؤاخذة العنيفة والصفع الدراك. فقد نقد موقف العرابيين من وزارة شريف باشا التي جاءت على أثرها وزارة البارودي باختيارهم. ونقدهم على عدم ردمهم قناة السويس اعتمادا على قول فرديناندي ليسبس. ونقد موقف إنجلترا من وزارة إسماعيل راغب التي جاءت بعد وزارة البارودي. واغلب الظن أن إنجلترا لم تكن تبغي تأليف وزارة في مصر لكي تبدو البلاد في حالة غير اعتيادية وتتخذ من ذلك ذريعة إلى التدخل في شؤون البلاد. فلما تألفت وزارة إسماعيل راغب قابلتها السياسة الإنجليزية بالجفاء وعدم الثقة والغض من قدرتها على إعادة الأمن إلى نصابه وأخذت تتخلق لها العقبات والعراقيل. ونقد موقف تركيا، فبينما كانت تتظاهر بتأييد سلطة الخديوي، إذ بالسلطان عبد الحميد يعلن عطفه على عرابي ويمنحه نيشانا رفيع الشان، ثم إذا جد الجد ونشبت الحرب بين عرابي والإنجليز طعنه السلطان في الصميم بإعلانه عصيانه، فكان هذا الإعلان من أكبر أسباب هزيمة عرابي وخذلانه. هذا التناقض والاضطراب، مضافا إليهما قصر نظر تركيا وسوء نيتها نحو مصر، ورغبتها في إنقاص استقلالها، ثم ما جلبت عليه من الدس والوقيعة، وتأثر وزرائها بالمال والرشا، وجعل السياسة التركية عامل فساد استخدمته بريطانيا لتحقيق أطماعها في مصر.

إني أدعو إلى كتابة التاريخ المصري الحديث من جديد، على هذا النحو الذي يكتب به الأستاذ الرافعي، لأننا بحاجة لأن نعرف بلادنا وتاريخنا على الوجه الصحيح في هذه الفترات المظلمات، ولنكون على بينة من مصالح الوطن وأمانيه ومطالبه في السنوات الخوالي.

محمود عبد العزيز محرم

<<  <  ج:
ص:  >  >>