فقال الزوج:(علام هذا الاهتمام؟ أخريني، إذا مت وكنت لا تزالين صغيرة جميلة، أترضين بالترمل خمسة أعوام أو ثلاثة؟).
قالت:(إن الوزير الأمين لا يخدم سيدين، والزوجة الفاضلة لا تتزوج من رجلين؛ فإذا قدر الله أنك تموت قبلي فلن يقتصر وفائي على الترمل ثلاثة أعوام أو خمسة، ولكنني سألبس ثياب الحداد حتى الموت).
قال شوانج:(هذا كلام يصعب تصديقه) فقالت: (هل تظن أن النساء كالرجال المجردين من الإنصاف والوفاء؟ أن الزوجة متى ماتت بحث عن غيرها، وقد يطلقها لأنه اختار غيرها فلا تستمر في حديثك الذي أزعجني).
فعندما سمع الزوج هذه الكلمات مزق المروحة التي أهديت إليه عند المقبرة. وقال:(هدئي من روعك وأرجو أن يكون عملك في المستقبل مطابقا لقولك الآن).
بعد أيام كثيرة من هذا الحديث مرض شوانج مرضا خطرا فلزم الفراش. ولما بدت عليه علائم الموت قال لزوجته:(أشعر الآن بقرب منيتي فأستودعك الله. ولكنني آسف على تمزيق تلك المروحة، فقد كانت تنفعك في تجفيف قبري).
فقالت الزوجة وهي تبكي:(أرجو يا زوجي العزيز ألا تكون هذه الساعة الأخيرة ساعة ريبة تشعر بها نحوي. إنني قرأت كتاب السنن وتعلمت منه أن المرأة الفاضلة لا تتزوج إلا من رجل واحد. فإذا كنت لا تزال ترتاب في فإني أقتل نفسي بين يديك لأبرهن على وفائي).
فأجابها شوانج:(إنني لا أريد شيئا بعد الذي سمعته منك).
ثم اشتدت وطأة المرض عليه فقال:(هاأنذا أعالج سكرة الموت. إن الدنيا تظلم في نظري).
وعند هذه الكلمات فقد الحركة والتنفس. فلما عرفت تاين أن زوجها مات علا صوتها بالبكاء وعانقت جثته مرة بعد مرة وبكته آناء الليل وأطراف النهار مفكرة في فضائله وحكمته، وجريا على العادات المتبعة في الصين لم يدخر جيرانها جهداً إلا بذلوه في سبيل مساعدتها.
وبعد أيام أقبل طالب وجهه كوجه الدمية من الحسن وشفتاه كالعقيق وعليه ثوب من الحرير