الحركة المباركة يجب أن تضع حدا لتلك الفوضى، فتصوغ الحكومة في قالب جديد حتى تفهم كل حكومة أنها موظفة لدى الشعب تعمل على إسعاده وراحته ونهضته، وتعمل على استقراره ورفاهيته، وتضع لأسس السليمة للعدالة والمساواة بين أفراده.
والدستور في حاجة إلى بعث جديد. وحسبنا دليلا على هذه الحاجة أنه ظل قرابة ثلاثين عاما لم يقدم مصر خلالها شبرا نحو الأمام، وأنه تضمن من المواد ما يجعل الملك في منزلة الآلهة، وحاشيته في درجة الأحبار، وأعضاء حكومته في صفوف الملائكة؛ ومن المواد ما يجعل هؤلاء جميعا فوق القانون لا يسألون عما يفعلون ولا يحاسبون عما أجرموا. والدستور الجديد الذي يتفق وهذه الحركة المباركة يجب أن يكون دستورا حيا يحقق الخير لمص والعدالة الاجتماعية لشعبها. ولا نعتقد أن ترقيع الدستور يحقق الغرض، فحسبه من الهوان أن دستور مرقع. ولسنا ندري لم نهمل دستور الله الخالد الذي لا يأتيه باطل من يديه ولا من خلف تنزيل من حكيم حميد، وفيه عنى عن كل دساتير العالم، ونحن أمة مسلمة لا خير فينا إذا لم نعتز بتراثنا ونعتد به
والأزهر في حاجة إلى البعث، يجب أن يطهر من الحزبية الهزيلة لأنه أكبر من أن يتحزب، ويطهر من التعصب لأنه أجل من أن يتعصب، ويطهر من المناورات الصغيرة حتى ينال تقدير العالم وثقة المسلمين. إن له رسالة دينية إنسانية فيجب أن يعيش من أجلها، ويبتكر المناهج التي تحقق أغراضها. إن للشعوب المسلمة عليه واجبا، فيجب أن يرفع مستواها وينهض بأفكارها والدين في حاجة إلى البعث، لأن عهد الإقطاع والإرهاب قد جعل منه دينا هينا لينا، وجعل منه مخدرا يخدر الفقير حتى لا يعرف حقه على الغني، ويخدر المحكوم حتى لا يعرف حقه على الحاكم، ويخدر الشعب في مجموعه حتى لا يعرف قدر نفسه، وحصره في حدود التكاليف الشرعية، وتوافه الأمور التي لا تتصل بأسسه، حتى يظل بمعزل عن السياسة وبمعزل عن الحياة، وبعث الدين يجب أن يقوم على عاتق الأزهر والجماعات الإسلامية الناهضة حتى يؤدي الدين رسالته التي ارتضاها الله له، ورضيها لعباده، والتي يجب أن تحقق العزة والسعادة لأتباعه في مشارق الأرض ومغاربها.
والأحزاب والهيئات في حاجة إلى بعض جديد، لأن الأحزاب السياسية لم تكن طيلة السنين