للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأخرى حتى أسرع هذا الجيش اليوغسلافي الحر وجهازه الإداري المنظم فطرد الألمان إلى غير عودة، وأقصى معهم الحكومة اليوغسلافية الشرعية التي تعاونت معهم - بما فيها النظام الملكي الذي فر من الميدان في وقت مبكر.

ومع أن حلفاء الغرب كانوا يمدون جيش التحرر اليوغسلافي ببعض الذخيرة والعتاد العسكري والمعونة الأدبية إلا أن الفضل في انتصاره يعود إلى وطنية الشعب اليوغسلافي وتضحيته فوق كل شيء آخر. وعلى ذلك ظل اليوغسلافيون مؤمنين بأن تحريرهم لبلادهم من سيطرة النازية كان مجهودا يوغسلافيا بحتا لا فضل لأحد فيه - لا لحلفاء الغرب ولا لروسيا السوفيتية.

إلا أن انشغال ستالين ومكتبه السياسي بالحرب النازية ومعارك الشتاء على حدود موسكو وليننغراد لم تله صناع السياسة الشيوعية الروس عن مراقبة مستقبل القارة الأوربية - ومستقبل يوغسلافيا على وجه الخصوص من حيث أنها منفذ حسن لمياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة على رمية حجر من الشاطئ الأفريقي الذي كان ولا يزال يحتل مركزا هاما في خطط العسكريين والمسئولين عن سياسة الحرب في التاريخ المعاصر. أضف إلى ذلك أخوية اكتساب بلد كيوغسلافيا كقاعدة شيوعية في منطقة البلقان التي كانت ولا تزال حدا رئيسيا من حدود المجتمع الشيوعي الأكبر التي نصبت روسيا السوفيتية نفسها وكيلة بتشييده محققة بذلك تعاليم ماركس وشروح لينين وستالين عليها مما لا يتسع المجال في هذا المقال لاستعراضه.

وقد ساعد روسيا السوفيتية على دوام الاتصال بالتطورات في الوضع اليوغسلافي خلال الحرب العالمية الأخيرة ذلك النشاط الواسع الذي قامت به العناصر الشيوعية اليوغسلافية في محاربة الاحتلال النازي متعاونة مع العناصر الوطنية اليوغسلافية الأخرى على نحو ما فعلته العناصر الشيوعية في الصين عندما تآلفت مع العناصر القومية في محاربة الاستعمار الياباني وغزوه المسلح للقارة الصينية.

ولقد لعبت الحركة الشيوعية في يوغسلافيا أدوارا مماثلة لتلك التي قامت بها الحركة الشيوعية في الصين من حيث أنها تسربت إلى القوات المسلحة والجهاز الحكومي والسلطة الشرعية التي كانت تحارب الاحتلال الياباني، فما إن تمت هزيمة النازيين حتى قامت

<<  <  ج:
ص:  >  >>